ويجوز فصل ما زاد عن الثلاثتين عنهما ، ويجب إكماله ثلاثة.
وهل يجب جعل الثلاثة مجتمعاً من النذر ، أو يصحّ التفريق بين الثلاثة أيضاً؟ فالمشهور وجوب الاجتماع ، فلا يصحّ إلا ثلاثة ثلاثة فما زاد.
وذهب العلامة إلى جواز التفريق ، بأن يأتي بيوم من النذر ويومين آخرين من غيره ، كما أشرنا سابقاً (١).
واختاره فخر المحقّقين ، قال : وتصوير ذلك بأن ينذر مثلاً اعتكاف العشر الأُول من رجب والحادي عشر والثاني عشر منه ، وستة أيّام في باقي رجب ولم يعيّن داخل بالنذر الأوّل ، أو كان على أبيه اعتكاف ، وتمكن منه ولم يأت به ثمّ مات ، وقلنا بوجوب قضاء الاعتكاف ، أو نذر أن يقضيه عنه ، ونذر أيضاً أن يعتكف ستة أيّام ، أو على قول من يقول : إنّه يصحّ ممن عليه صوم واجب أن يصوم ندباً ، وهذا الوجه أضعفها.
ثمّ قال في وجه جواز التفريق : إنّه عدم وجوب التتابع بين الستة ، ووجوبه في الثلاثة ؛ لعدم صحّة انفراد اليوم ، فحينئذٍ يأتي بواحد من الستة ، واثنين من تدارك اثنى عشر ، وهكذا إلى أن يأتي بتمام الستة مع انضمام اثنى عشر.
ثمّ قال في وجه عدم جواز التفريق هكذا ما حاصله : إنّ كون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة حتّى يدخل تحت النذر محال ، فالذي هو منذور هو الثلاثات ، فكل واحد من الأيّام الستة لا يصدق عليه أنّه اعتكاف منذور آخر أو غيره (٢).
أقول : ولا تخفى قوّة قول العلامة ، وضعف هذا الوجه بملاحظة ما ذكروه فيمن نذر يوماً لا بشرط نفي غيره ولا ثبوته أنّه يصحّ ويكمله باثنين ، وحينئذٍ فلا يختص هذا الكلام بنذر ما زاد على الثلاثة ، بل يجري في الثلاثة أيضاً إذا لم يشترط فيها التتابع لفظاً ومعنى ، كما أشار إليه في المسالك (٣).
__________________
(١) المنتهي ٢ : ٦٣٠ ، التذكرة ٦ : ٢٧٧.
(٢) الإيضاح ١ : ٢٥٨.
(٣) المسالك ٢ : ٩٨.