راجحة أو واجبة ، ولخصوص صحيحتي عبد الله بن سنان والحلبي المتقدّمتين (١) ، وإطلاقهما يقتضي عدم الفرق بين واجبات أحكامها ومستحباتها ، وبين من تعيّن عليه أو لم يتعيّن.
قال العلامة في التذكرة : يجوز للمعتكف أن يخرج لعيادة المرضى ، وشهادة الجنائز ، عند علمائنا أجمع ، ثمّ استدلّ عليه بتأكد الاستحباب ، كما أشرنا إليه سابقاً.
ثمّ قال في المسألة التي بعدها بلا فاصلة : لو تعيّنت عليه صلاة الجنازة وأمكنه فعلها في المسجد لم يجز له الخروج إليها ، فإن لم يمكنه ذلك ، فله الخروج إليها ، وإن تعيّن عليه دفن الميت أو تغسيله ، جاز له الخروج لأجله ؛ لأنّه واجب متعيّن ، فيقدم على الاعتكاف كصلاة الجمعة (٢).
ووجه الجمع بين كلاميه : أنّ الثاني محمول على أنّه لا يريد إدراك فضيلة تشييع الجنازة ، أما لكسل وضعف ، وإما لكون الميت عدوا له أو من المخالفين ، لكن وجب عليه الصلاة عليه ، ويريد محض أداء الواجب ، فإذا لم يتوقّف أداء الواجب على الخروج ؛ لإمكان فعله في المسجد ، لكونه حاضراً عنده ، أو كان إحضاره سهلاً ، أو كان أهله يريدون وقوع الصلاة في المسجد ، فلا مرجح حينئذٍ للخروج ، فلا يجوز له الخروج.
مع أنّ المتبادر من الجنازة المستثناة في الخبرين ، ما احتاجت إلى الخروج لشهودها ، فإن كان لمحض إدراك الفضيلة في التشييع ، فالموجب لرخصة الشهود إما إدراك الفضيلة بفعل المندوب أو الواجب ، أو توقّف الواجب عليه ، على سبيل منع الخلو ، ولا يتبادر من الصحيحين إلا الأوّل ، ودليل الثاني هو كونه من الضروريات ، ولذلك استدلّ على وجوب الخروج للدفن والتغسيل في صورة التعين عليه بتوقّف الواجب عليه ،
__________________
(١) الاولى في الكافي ٤ : ١٧٨ ح ١ ، والوسائل ٧ : ٤٠٩ أبواب الاعتكاف ب ٧ ح ٦ ، والثانية في الكافي ٤ : ١٧٨ ح ٣ ، والفقيه ٢ : ١٢٢ ح ٥٢٩ ، والوسائل ٧ : ٤٠٨ أبواب الاعتكاف ب ٧ ح ٢.
(٢) التذكرة ٦ : ٢٩١ المسألة ٢١٢ و ٢١٣.