وبمضمونها أيضاً روايات كثيرة (١) ، ولعلّه لما سمعوا في ذلك شيئاً رواها الشيخ ، ثم قال بعد ذلك : فأما الأخبار التي وردت في النهي عن صوم شعبان ، وأنّه ما صامه أحد من الأئمة « ، فالمراد بها أنّه لم يصمه أحد من الأئمة «على أنّ صومه لم يجر مجرى شهر رمضان في الفرض والوجوب ؛ لأنّ قوماً قالوا : إنّ صومه فريضة ، وكان أبو الخطاب لعنه الله وأصحابه يذهبون إليه ، ويقولون : إنّ من أفطر يوماً منه لزمه من الكفّارة ما يلزم من أفطر يوماً من شهر رمضان ، فورد عنهم «الإنكار لذلك (٢).
ثمّ حمل الشيخ ما ورد من النهي عن الوصل بين شعبان ورمضان ، بأنّ المراد الوصال المنهي عنه ، وأما مع الإفطار في الليل ، فليس هناك وصال ، واستدلّ على هذا التأويل برواية محمّد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال ، قلت له : فلا يفصل بينهما؟ قال : «إذا أفطر من الليل فهو فصل ، إنّما قال رسول اللهُ : لا وصال في صيام ، يعني : لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار» (٣).
ويظهر من الصدوق محمل آخر ، وهو الحمل على الإنكار ، حيث روى عن عمرو بن خالد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «كان رسول اللهُ يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما ، وينهى الناس أن يصلوهما ، وكان يقول : هما شهرا الله ، وهما كفّارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب».
ثمّ قال : قوله عليهالسلام «وينهى الناس أن يصلوهما» على الإنكار ، والحكاية ، لأعلى الإخبار ، كأنّه يقول : يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما؟! فمن شاء وصل ، ومن شاء فصل (٤).
ثمّ استشهد برواية مفضّل الدالة على جوازهما معاً (٥).
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٣٦٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢٨.
(٢) التهذيب ٤ : ٣٠٩.
(٣) التهذيب ٤ : ٣٠٧ ح ٩٢٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٨ ح ٤٥٢ ، الوسائل ٧ : ٣٦٨ أبواب الصوم المندوب ب ٢٩ ح ٣.
(٤) الفقيه ٢ : ٥٧ ح ٢٤٩ ، الوسائل ٧ : ٣٦٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢٩ ح ٥.
(٥) الفقيه ٢ : ٥٧ ح ٢٥٠ ، الوسائل ٧ : ٣٦٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢٩ ح ٦.