غائلتهم لما قاموا به من تضييق عليه فأحرجوه وتغلبوا عليه (١).
ففي أواخر هذه السنة اختفى هذا الوالي عن الأنظار إذ لم يتحمل مطالب هؤلاء. خاف تحكماتهم. وزاد الكره بينه وبينهم فذهب إلى جهة (كردلان) (٢). فصار يجمع العساكر. وفي مدة قليلة تمكن من جمع نحو أربعة آلاف أو خمسة من الرماة من عجم وعرب وسكبانية ، وحاصر البصرة ، فأوقد نيران الخصام.
وكان أول عمل قام به قبل اختفائه أنه شرع يفسد بين كعب وأعراب آخرين ، ويقرب أهل الجزائر وكل اتباع حسين باشا ، ومن ينتسب إلى آل أفراسياب. استوثق من هؤلاء فخرج خفية من البصرة وذهب إلى (كردلان) ولم يدر الجيش به أين ذهب ، ولا علم بالسبب.
ضيقوا عليه ، فخافهم ، ولم يطق البقاء ، فضبطوا البلاد ثم جاءهم الخبر أنه في جهة السويب ، ومعه شرذمة قليلة ، وصار أهل الشر يميلون إليه من كل صوب حتى غدا يسول لهم النهب والسلب فاجتمعت لديه جماعات لا هم لها إلا غصب أموال الناس فكتبوا إليه يسألونه عما بدا له ليتركهم ويتنحى عن البلد ليعود إليهم وحاولوا استمالته فجاءهم
__________________
(١) تاريخ راشد ج ١ ص ١٦٣.
(٢) لا تزال معروفة وتعني أرض التل أو مأوى التل وفي كلشن خلفا جاءت غلطا بلفظ (كردكان) وفي تاريخ راشد (كوردلان) ج ٢ ص ٥١٤. وفي (الكاكائية في التاريخ) ما يوضح أنها كردلان وهو الصواب. واللفظة تركية لا كردية على ما أكد لي الأستاذ بسيم آتالاي وأورد ألفاظا كثيرة في التركية على هذا التركيب. وتقع قرية كردلان في الجانب الشرقي من شط العرب في مقاطعة تنومة وهي تجاه البصرة تماما.
قال الدكتور مصطسفى جواد : رأيت في خارطة شط العرب المحفوظة بدار الكتب الوطنية بباريس رقم ٢٢٧٩ ما هذا نصه : «شريعة گردلان ونخيلها لشط العرب ومقاطعتها راجعة للميري.» اه.