يذعنوا وقرروا لزوم الدفاع وكانوا أخبروا الوالي مصطفى باشا بما وقع وطلبوا منه أن يعجّل بالمدد ...
فلما سمع الوالي بهذا الحادث اهتم للأمر وجرد تجريدة قادها خلف آغا وصالح آغا مع جيش سارع في النصرة. وبينهم آغا الجيش الأهلي. والمتطوعون وأمير جسان ، وأمراء البيات وأمراء باجلان وعدة بيارق من السكبانية. ساروا برا ونهرا. عبروا من شط زكية امدادا للمحصورين في القرنة ، فتمكنوا من الوصول ، فكانوا قوة لهم ، قاتلهم الثائرون في مواقع عديدة وجرى نضال شديد حتى شقوا الطريق فأمدوا اولئك المحصورين ودخلوا القرنة.
سمع يحيى باشا بذاك فجهز جيشا لجبا من العربان يتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف ، فتصدى للهجوم على القرنة على حين غرة ، فقابلهم الجيش المحصور فدامت الحرب نحو ثلاث ساعات أو أربع فلم يتمكن جيش يحيى باشا من اختراق الجبهة للاستيلاء عليها ، فخابوا وقتل منهم نحو خمسمائة أو ستمائة فوصل الخبر إلى بغداد بهذا الانتصار. وفي هذه المعركة قتل أمير جسان.
سمع يحيى باشا بخبر اندحار جيشه فاضطرب للحادث ولكنه لم يقف عند حده وإنما سيّر نحو القرنة صباحا قوة من غير أن يعلم به أحد. انتبه أحد الأفراد فأخبر جماعته فاستعدوا للحرب وقاتلوا قتالا عنيفا حتى تمكنوا من فل غرب المهاجمين فأذاقوهم من القتل والأسر ما أذاقوا ... فجاءه نبأ ذلك وحينئذ زاد ألمه ، وكثر ندمه ... وفي هذه الحرب قتل خلف آغا ، وهذا صار سبب تسكين ألمه نوعا ، ثم جاءه المدد من العربان فحاصرها مرة أخرى (١) ...
__________________
(١) منظومة الشهابي وكلشن خلفا ص ٩٩ ـ ٢.