السابق بكدورة خاطر إلى البصرة. وبعد أيام عزم الوزير الحاضر على زيارة المشهدين ترويحا للنفس ثم عاد إلى بغداد.
وأما مصطفى العدلي فإنه نال التفاتا زائدا ، تطلب الكتخدائية فحصل عليها إلا أنه لم يتحمل هذا الالتفات ولا تمكن أن يدبرها تدبيرا صحيحا وإنما عدل عن طريق الصواب وصار مفترسا ومن ثم كان يؤذي الخلق ويتجاوز على حقوقهم. ولمجرد الحرص والتخوف على المنصب سوّل للباشا أن يصدر فرمانا بإعدام اثنين من الحجاب ففعل كما أنه جلد آخرين وضربهم ضربا مبرحا ونفى آخرين دون أن ينتبه لنوايا الكتخدا وقد مرّ أن للعدلي دخلا عظيما في محاسبة الوالي السابق عن (الميري) فتولدت بينهما الشحناء لحدّ أن وصلت إلى سمع السلطان فورد من جانبه خضر آغا من رؤساء الحجّاب ليكون حكما عدلا فعقد لمرات مجلس أشراف وجمع فيه من له وقوف على القوانين فلم يتمكن من فصل النزاع بوجه بل فتحت أبواب العداء بينهما حتى أن العدلي تطاول على الآغا فرجع إلى دولته مملوءا غيظا ... وحينئذ انتهى العام.
وفاة مفتي الموصل :
في هذه السنة توفي محمود بن عبد الوهاب (١) الموصلي الحنفي مفتي الموصل ورئيسها المشهور بالعلوم الشرعية والفنون العقلية. ولد بالموصل ونشأ بها وتفنن في علم النظر والكلام والحكمة. برع في جميع ذلك ورحل إلى حلب وأخذ بها عن النجم الحلفاوي. وإبراهيم الكردي ، وأبي الوفاء العرضي والجمال البابولي (كذا) وغيرهم ، وأجازوه. ورجع إلى بلده. مكث مدة ، ورحل إلى الديار الرومية ، وأخذ
__________________
(١) في خلاصة الأثر عبد الله بدل عبد الوهاب وفي عمدة البيان جاء التصحيح من أحد أحفاد المفتي وهو محمد أمين بن إبراهيم من آل ياسين المفتي ابن المترجم. ذكر أنه ابن عبد الوهاب.