الثلاثاء فقطع المراحل حتى وصل إلى قريب من النهر إلى مرقد (عون بن علي) المعروف.
أما سلمان الخزعلي فإنه علم بوصول العساكر فجمع أطرافه القريبة والبعيدة ودعا العشائر. عدا من كان لديه من الخيالة والمشاة فصار يقسر الناس على الحرب ، وكذا وصل مدده من العشائر البعيدة وكان يأمل أن يسد طريق العسكر ويقطع خط رجعتهم. وبهذا الأمل حشد ما يربو على الأربعين ألفا بين مشاة وفرسان. هيأهم للوقيعة فعلم الوزير بذلك.
وفي اليوم التالي نهض الجيش من موطنه. يسير باحتراس وتوقّع للطوارىء من كل الجهات ، وكان أمل العشائر أن لا يقابلوا الجيش في هذا المنزل. ولما نزل قرب هذا النهر بنحو ثلاث ساعات أو أربع. شغل بتنزيل الاثقال وتهيئة ما يلزم. وبينا أصحاب الخيل على ظهور خيولهم قد شوهد أن سلمان الخزعلي حشد المشاة بين الأدغال في محل ضيق وصاروا يطلقون البنادق على الجيش. عبأوا المشاة وكذا الخيالة وظهروا على حين غرة. هاجموا هجوما عنيفا. فبدوا من وراء الستار. وحينئذ قابلهم الجيش واشتبكوا في القتال وبينا هم كذلك إذ سمعوا دوي المدفع كالرعد القاصف فرقوا شملهم وانتشروا كالجراد وحينئذ تولاهم الجيش من جميع جهاتهم وصاروا طعما للسيوف وولى سلمان الخزعلي الادبار. تعقبوا أثرهم ساعة أو ساعتين ونكلوا بهم تنكيلا مرا فعادوا منتصرين.
أوقع هذا الحادث في قلوب الاعراب الاضطراب وولد الخوف والهلع في نفوسهم. وبعضهم كان مكرها فأسرع بالطاعة ومال إلى الانقياد. هكذا قالوا.
ثم إن الجيش بقي يومين في ذلك المحل فرحل عنه ونزل عند النهر الجديد المراد حفره وحينئذ مسحوه فتبين أن طوله ٥١٧٠ ذراعا