وفي هذه السنة جاهروا بالعصيان ، صاروا ينتهبون المارة ويقطعون السبل. تكاثرت الاراجيف عنهم من كل صوب وزاد الخوف منهم. فأنذرهم الوزير وفي الوقت نفسه طلب المدد من أنحاء مختلفة.
رأى أن النصح غير مجد ، وأنهم لم يذعنوا. وصلت إليه الجيوش من أنحاء شهرزور والموصل فتقدم بهم إلى حد المحاويل.
وحينئذ مال العربان إلى الخديعة فجاءه كثير من رؤسائهم والسيوف برقابهم ، صاروا يتذللون وطلبوا أن لا يؤاخذهم بما جنوا ، وأن يعفو عما سلف. وبينوا أنهم طوع أمره يؤدون ما يجب عليهم من ضرائب.
أراد الوزير أن يختبر صدق نياتهم فطلب منهم بعض المفسدين وأن يأتوه بهم فرضوا وقالوا سمعا وطاعة. ولكنهم لما ذهبوا إليهم عادوا إلى سيرتهم الأولى فكان ذلك نقضا للعهد ...
وعلى هذا مشى عليهم وكانت عدتهم كافية وعددهم كبيرا يقدر بمائة ألف أو يزيد. فكانوا متأهبين للنضال فهاجمهم بجميع قوته فتلاقى الفريقان ولم تستمر المحاربة أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات حتى نكسوا الأعلام هاربين من ساحة الوغى ... فطلبوا الأمان ولكن الجيوش اغتنمت جميع أموالهم وأسرت الكثير من عائلاتهم وصغارهم ثم عفا الوزير عن الأهل والعيال. ورجع ظافرا.
ومما ينقل صاحب الحديقة عن والده الشيخ عبد الله السويدي أن شاويا جد آل شاوي الحميري (١). قال :
«إننا كنا مع المرحوم حسن باشا والي بغداد أربعة أشخاص في غزو قبيلة زبيد سائرين أمام الجيش. وبينما نحن نتجاذب الحديث ، وقد بعدنا عن الجيش لدرجة أننا صرنا لا نراهم إذ صعدنا على كثب وعند ذاك شاهدنا مقدمة الأعداء وكانت الساقة خلفها أيضا فألويت عنان
__________________
(١) رئيس عشيرة العبيد من عشائر زبيد.