وسحب جيشه جميعه فهاجم المدد. كمن لهم في مصب نهر العظيم وعلى حين غرة فاجأهم بأمل أن يقضي عليهم وكانوا في حالة مبعثرة.
حينئذ صرخ بهم مهاجما فجعلهم شذر مذر بحيث لم يتيسر جمعهم فانكسرت الساقة والمقدمة والجناحان وأن الساقة لم يؤمل منها عودة إلى نظام. فرّ لا يلوي على شيء حتى وصل إلى الموصل ولكن القلب ثبت ولم يتغير نظامه لما فيه من الينگچرية والجيوش المدربة لا سيما وقد كان معهم القائد طوپال عثمان باشا ، فجمعوا باقي الجيوش من المقدمة وغيرها مما أمكن إعادته وحرض الكل على القتال وشجعهم كثيرا فأخذ جانب دجلة. لئلا ينقطع عنهم الماء ...
عبأهم بالوجه اللائق وكان يقال لهذا النوع من التعبئة (چرح فلك) أي نصف دائرة ، وجهوا المدافع نحو الاعداء وصوّبوا البنادق فتقابل الجيشان بعددهما الكاملة وتصادما. وهناك الهول بحيث لا يستطيع أن يعبّر القلم عن بعض ما جرى فأنست هذه الحرب ما تقدمها في شدتها وحرارة نيرانها ... فلم تمض مدة حتى قتل من العجم خلق لا يحصون وظهرت بوادر الغلب عليهم. صاروا ينسحبون رويدا رويدا والجيش التركي في أثرهم لم يمهلهم عقب القوم حتى لم ينج منهم إلا القليل فلم يدعوا لهم مجالا للفرار والهزيمة. وذكر صاحب نتائج الوقوعات أن نادر شاه جرح في هذه المعركة (١). ولم يتحقق ذلك.
وحينئذ وصل الخبر إلى المحصورين ليلا وعند الصباح هاجموا البقية الباقية واستولوا على الارزاق والمعدات والأسلحة والمدافع
__________________
(١) نتائج الوقوعات ج ٣ ص ٢٣ وهذا الكتاب من تأليف مصطفى نوري باشا المتوفى سنة ١٣٠٧ ه. طبع سنة ١٣٢٧ ه في أربعة مجلدات. وفي (تاريخ ايران) للأستاذ عباس برويز طبعة سنة ١٣١٤ ه ـ ش هلك في هذه الحرب نحو عشرين ألفا من كل جانب. ص ٧١.