الحروب ، فلم يكن لها بد من قتال مستميت. شاهدت من الجند ما لم يكن يجول في خاطرها. ولما أصبح الصباح هرب من هرب سابحا ونجا من نجا بنفسه. فاغتنم الجيش خيولها وأموالها (١).
حسكة وأمير المنتفق سعدون :
ثم إن الكتخدا بأمر من الوزير رجع إلى حسكة ليصلح منها بعض الشؤون والصحيح لينال منها بعض الغنائم ، فوردها وأمّن طرقاتها من جميع جهاتها وانقادت عشائر البدو من كل فج. وكان من جملة من قصد أمير المنتفق سعدون بجملة من عشائره. فاتخذ الكتخدا ذلك فرصة للوقيعة به. قالوا : وكان يزعم أنه (سلطان العرب) فقبض عليه وكبّله ورجاله وجاء بهم إلى بغداد ، وسجن في الثكنة الداخلية ، بقي زمنا وكاد يقضي نحبه وأيقن بالهلاك فطلب من الوزير أن يعفو عنه وشفع فيه بعض الأعيان فعفا عنه وجعله رئيسا كما كان وألبسه حلة الرضا (٢).
وقعة الشيخ سعدون :
وفي السنة نفسها أخبر الوزير بأن الأمير سعدون جمع نحو عشرة آلاف مقاتل فنزل بين النجف والكوفة ، وتغلب على بعض القرى ، ومنع الزراع من الانتفاع ... قائلا : أنا السلطان في هذه الديار. وما شأن أحمد باشا وما السلطان؟ إني إن شاء الله آخذ بغداد وأحكم فيها بالعدل ، ومن ثم حاصر الحلة وبقية الضياع ... كما حاصر البصرة قائلا : إنها ملكنا ليس للروم فيها شيء ، وإنا كنا نأخذ كل عام من أهلها الغنيمة (٣) ...
__________________
(١) حديقة الزوراء ص ١٤٥ ـ ١ ودوحة الوزراء ص ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) حديقة الزوراء ص ١٤٧ ـ ١.
(٣) دوحة الوزراء ص ٤٦.