أضر بالأنحاء المذكورة وأنهم حينما سمعوا بتوجه الوزير إليهم بادروا في البيان وأبدوا أنهم حاضرون للمعاونة والقيام معه ... فبقي فيها بضعة أيام نظم خلالها الأمور وقضى بعض اللوازم ثم تحرك متوجها نحو جمع العصاة لمقابلتهم ولكنهم لم يستطيعوا البقاء ولا المقاومة فتشتتوا. فروا إلى الصحارى والبوادي النائية وتمزق عقد جمعهم ... والباقون هربوا في الأهوار والتجأوا إلى الشيخ منها العثمان. وهذا اتفق مع المعادي (المعدان). ولما وصل العرجة نظم الجيش ثم عبر (الفرات) (١). وحينئذ هاجم (هور بني مالك) وفيه الشيخ مهنا مع العشائر. وكانوا تحصنوا في آجام القصب من أنحاء الهور. دامت الحرب نحو أربع ساعات. ومن ثم ضبط مكمنهم فانكسروا وفروا لا يلوون على شيء وقتل منهم ما يتجاوز الألف بينهم برهام وابنه كلب علي وأربعة آخرون من الرؤساء ونهب ما عندهم من مواش فقضى على العصيان في أنحاء البصرة كما أخمد غائلة بني كعب ورئيسهم مسطور الكعبي ، كان هاجمهم الجيش وقتل منهم نحو ٢٥ من مشاهير رجالهم وأحرقت سفنهم ... ولم يكن آنئذ في طاعة الحكومة سوى عشيرة الدواسر وهم في ثغر البحر ... ومن ثم اطمأن الناس وزال الخوف. وصار الذهاب والإياب من البصرة وإليها برا وبحرا أمينا.
ولما وصل الخبر إلى الدولة شكرت سعيه وأكدت عليه لزوم إتمام العمل بإنهاء الاضطرابات وحراسة الوضع بالقضاء على أهل الزيغ (٢) ...
اتخذ هذا الوزير كافة الوسائل لينال رضا الدولة تمهيدا لمطلوبه. هذا ولا ندري محل هذه الوقائع من الصحة بل الشبهة كل الشبهة في
__________________
(١) يسميه الترك (نهر مراد) وهكذا دعاه سليمان باشا فخاطبهم بما يعلمون.
(٢) تاريخ عزي ص ١٩٨ ـ ١.