الثقافة
الحروب والاضطرابات لم تدع مجالا للتوسع الثقافي. فالمؤسسات القديمة كادت تندثر ، فأعيد بعضها ، وأسس القليل. وهذه أصل الثقافة. كانت المخرج الوحيد للعلماء والأدباء والموظفين والتجار وسائر الصنوف. والعناية بها كبيرة جدا. ولا يخلو العهد من الاتصال بعلماء الاقطار.
وكان التوسع في التركية والفارسية بالغا حده إلا أنه لم يمنع المدارس العربية أن تقوم بمهمتها. والعلاقة مشهودة. وهذه الثقافات لا تستغني عن المدارس العربية بوجه. وفي اتصالها لم تنقطع الثقافة بل زادت وربحت كثيرا. غذتها المدارس الجديدة ، والمدارس التي أعيد احياؤها مجددا ، فأضيفت إلى ما كان موجودا عامرا من هذه المعاهد.
هذا ، والتكايا قامت بخدمات ثقافية لا تنكر لا سيما في القراءات وفي تعليم صنعة الخط ، وتعليم بعض المطالب الدينية. ومن أهم العوامل الفعالة ظهور (الطباعة) في عاصمة الدولة وتأثيرها على العراق في تسهيل المعرفة.
وإذا كان محل تكون الثقافة ونموها المدارس والجوامع والتكايا ، فلا ريب أنها يغلب عليها (كتب الجادة) وقل من مال من العلماء إلى ما هو أوسع للإنتاج الجديد. ولا تزال بقية منهم تلمّ الشعث في وقت كادت الحروب والفتن تقضي على الإنتاج في مختلف العصور.
والتوسع في التركية والفارسية لم يمنع من المدارس ولا أخل بها بل كان طريق العناية وسبب الاتصال المكين بها. تكلمنا خلال الوقائع عن بعض الادباء ، وعن وفيات بعض العلماء.
وبين علمائنا المدرسون ، والوعاظ ، وبينهم من مالوا إلى التأليف والإنتاج العلمي. والتراث القديم خير مغذّ. ولا يسع احصاء المدرسين