أما البصرة فقد انقادت قراها وعشائرها وجندها للحكومة بسبب حبهم واخلاصهم لأحمد بك وبأمل أن ينالوا قسطهم من الاختصاص به في الإدارة المدنية. ولذا عدّوا سدّ الطريق في وجههم اساءة محضة فأذعنوا بالطاعة والانقياد واتخذت العساكر نخيل الجزائر مضربا لخيامهم.
وهكذا استولى الباشا على البصرة بلا تعب ولا عناء. وأول ما توجه إلى القرنة أخذها بسهولة فوضع فيها محافظين. وكانت تعد مفتاح البصرة المتين. ومن جهة أخرى إن خبر هذا الزحف أحدث خوفا عظيما وارتباكا في حالة حسين باشا وسبب له اضطرابا زائدا فلم يجسر على المقاومة بل فرّ إلى حدود العجم.
ثم دخلها بلا عناء. واستقبل بأبهة واحتفال لا مزيد عليهما.
أما أحمد بك فإنه نال ولاية البصرة وفرح بها بعد أن ناله ما ناله من وبال وإن الأشراف والأعيان قاموا بما يقتضي لتوقير الوزير وإكرامه فاهتموا في جمع هدية نقدية له تليق به وبينا هم في مداولة هذا الأمر إذ غلب على الوزير الطمع ومال إلى الغدر وأول عمل قام به أن استولى على أموال حسين باشا ووالده وأموال أولادهم وأحفادهم. ولم تكفه هذه بل مدّ يده إلى أموال أغنياء البصرة ومتموليهم في (القبان) مما لم تصل إليها الأيدي أو كانت بعيدة المنال عنه أمر بجلبها وبعث أحمد بك وفتحي بك مع مقدار من (السكبان) وبعض الآغوات من أعوانه فذهبوا إلى (القبان). وصوبوا المدافع إلى جهة السراي فأوقعوا الخوف والرعب في القلوب وأعملوا السيف في أشراف البلد. سوّل بعض الأشرار للوالي سوء عمله هذا. وحينئذ وقع كثير من القتلى بنيران المدافع والبنادق ...
وأيضا كان قصد هذا الوالي أن يستولي على البصرة ويقطع دابر