هؤلاء لتكون تابعة لدولته ولكنه خذل في هذا المسعى ، فوجّه اللوم عليه من جراء عدم نجاحه ، وذلك أنه حينما أرسل أحمد بك وفتحي بك كان قد أمر من معهما أن يقتلوهما فامتثلوا أمره وأوردوهما حتفهما. ثم أحضروا رأسيهما إلى البصرة. علم الناس بما وقع وما جرى من أفعال فلم يبق من لم يتألم وحينئذ علموا أن الغرض المقصود لم يكن نصرة الموما إليهما وإنما كان النهب والسلب والاستيلاء على المملكة للوقيعة بأهليها ... فسل الجميع سيوفهم للانتقام من هذا الوالي والنفرة من أعماله الشائنة. ثار الأهلون جميعا وقاموا على قدم وساق ، وبادروا للعمل على إمحاء الروم ومحاربتهم من جراء فعلاتهم هذه وغدرهم.
ومن ثم شرعوا في مناوشة المحافظين في القرنة فورد الخبر إلى الوزير فارتبك للحادث فسير السفن لامدادهم ومعهم جماعة من الرماة بالبنادق فاجتازوا المهالك كما بعث بثلاثة آلاف أو أربعة من ناحية البر وهؤلاء من جند بغداد من (السكبان) وهم خيالة.
تحاربوا في محل تجاه القرنة يقال له الشرش «وقعت معركة دامية بين الفريقين دامت بضع ساعات كان لها وقع كبير في النفوس. وفي هذه الحرب أبدى كل من الطرفين بسالة لا توصف. فكانت النتيجة أن انتصر العرب على (الروم). فتغيرت قدرتهم إلى خذلان ذريع وولوا الأدبار.
وأن السفن أيضا أصابها قرب ساحل الدير ما أصاب الجيش فلم تتمكن من الوصول إلى القرنة. فدمرها الثائرون ولم تبق إلا شرذمة قليلة في القرنة مقهورة. ولكنها ثبتت في دفاعها.
كان جيش بغداد قد تألم من الوزير لما جرى. فتركوه والبصرة وعادوا إلى بغداد. وحينئذ ندم الوزير على ما بدر منه فترك جميع ما كان أحرزه من الأموال والنفائس وفرّ بنفسه فوصل إلى جيش بغداد في