وكل ما نرجوه أن نوفق للموضوع ، وأن نلمّ بأطرافه. وهذا لا يقل عما سبقه في حروبه ، وفي أوضاعه الأخرى. وأعتقد أنه أبين من سابقه.جلا الغموض وزاد في المعرفة. ومن ثم نتدارك الخلل. والتاريخ يوضح بعضه بعضا.
وفي ثقافته وضوح لا يقبل الارتياب ولا يقل فائدة عن تاريخه السياسي وسائر حوادثه. وأملنا أن نحصل على الإجمال من وجهه الصحيح.
ولا شك أن هذه صفحات جليلة الفائدة ، والجهل بها حرمان لا نعذر فيه. ووقائعنا على كثرة التتبعات والجهود المبذولة قليلة المادة. وفي هذا العهد تزايدت المراجع. وكانت المعرفة أتم ، وفي كلها لا تزال الإدارة شديدة الوطأة ليس فيها إلا التغلب والقسوة.
ولعل هذه تكشف عن مدى السيطرة وما بلغته الإدارة في أكثر الأحيان ولا تخلو من وقائع مشهودة. نحاول بيانها من طريق صحة الحوادث لنتمكن من السيرة التاريخية دون أن تكون مشوبة بآمال يزينها أهل الزيغ. وليس بعد التجربة والتمحيص ، أو بعد معرفة ما جرى فعلا مستعتب.
ذقنا الأمرّين من آمال الطامعين. ورأينا جفوة من كل إدارة مرت بنا. كرهنا وسخطنا ، ولكن ذلك لم يغير في الوضع ، ولم يبدل في الحالة.
وقائع هذا العهد جليلة. فيها من الأوضاع السياسية ، والأحوال الحربية ، والشؤون الاجتماعية ما هو متبدل ، فلم يستقر أمر على وتيرة.
وفي حالته هذه لم يخلف أرباب السلطة ذكرى جميلة أو جليلة ، ولا سجلوا خير الأعمال ، ولا عظيم الخصال وقلّ أن نرى من كانت هذه صفته في خدمة الجماعة ومراعاة نظامها ، والعدل بين أفرادها ...