إبراهيم باشا بعسكر عظيم إلى القرنة إلا أن مجيئه كان متأخرا ولو جاء في حينه لاستولى عليها فحاصرها مدة شهرين فلم ينل غير الخيبة والخذلان. وقد تصدى للقتال جنوده المعروفون ب (صارجه) (١) وهؤلاء كانوا معاندين عنادا بالغا حده فلم يهتموا بالحرب بل فقدوا الطاعة المطلوبة في الجيش فكان ذلك من أهم أسباب الخذلان.» اه (٢).
وأما الوزير فإنه في أواسط جمادى الأولى سنة ١٠٧٦ ه جهز جيوشه ونهض من بغداد سائرا نحو البصرة. كل هذا وحسين باشا لم يطرأ خلل على تجلده وأصر على الدفاع محتقرا عدوه. وفي هذه الحالة قصّر الوزير في احضار المدافع المعدة لهدم القلاع والحصون ، ومع هذا طاول في الأمر على أمل أن يذعن حسين باشا اليوم أو غدا وبهذا الأمل كان يترقب ورود رسول في الاستئمان. سار حتى وصل إلى (الرمّاحية) (٣) ، ومع كل هذا لم يظهر أثر فتور في حسين باشا فأرسل الوزير كتابا إليه يدعوه إلى الطاعة والانقياد مشتملا على نصائح قدمه إليه مع قاصد ذهب به. وهذا أيضا لم يفلّ من عزمه ولم يقلل من غلوائه ، ولم يتلق منه جوابا سوى قوله (المقدر كائن).
وحينئذ لم ير الوزير بدا من أن يمضى بجيوشه إليه فوصلت الجنود إلى (المنصورية) (٤) فضربوا خيامهم هناك فتقابل الفريقان واشتعلت نيران
__________________
(١) صارجة وردت في منظومة الشهابي والترك يقولون صاروجه وتعني نوع جيش قديم من اللوند (اللاوند). ورد ذكرهم في تاريخ السلحدار ص ٤٧٥.
(٢) منظومة الشهابي.
(٣) الرماحية موجودة قبل العثمانيين ورد ذكرها في تاريخ العراق بين احتلالين ج ٣ وتعد لواء من ألوية بغداد أيام السلطان سليمان القانوني. ثم خربت في وقت متأخر. وتكوّن بدلها (لواء الديوانية). ولا تزال أطلالها معروفة في هذا اللواء. ومرّت في (ج ٤ من هذا التاريخ) في صفحات عديدة منه. وفي لغة العرب ج ٣ ص ٦١.
(٤) هي منصورية الجزائر.