قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشّاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه ، وإنّما الأمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فمتّبع ، وأمر بيّن غيه فمتجنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله عزوجل ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم».
قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين ، قد رواهما الثقات عنكم؟
قال : ينظر فما وافق حكمه الكتاب والسّنة وخالف العامّة أخذ به.
قلت : جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والاخر مخالفا لها بأيّ الخبرين يؤخذ؟
قال : بما يخالف العامّة ، فإنّ فيه الرشاد.
قلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟
قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر.
قلت : فإن وافق حكّامهم وقضاتهم الخبران جميعا؟
قال : إذا كان كذلك فارجه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في المهلكات. (١)
__________________
(١) الفقيه : ٣ / ٥ ـ ٦ ، برقم ١٨ نقلناها عن الفقيه ، لأنّ صاحب الوسائل جزّأها ونقلها في مواضع مختلفة. لاحظ الوسائل : ١٨ / ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.