كلمة «غلام» تعني الفتى الحدث ، أي الصبي سواء كان بالغا أو غير بالغ. وبين المفسّرين ثمّة كلام كثير عن الغلام المقتول ، وفيما إذا كان بالغا أم لا ، فالبعض استدل بعبارة (نَفْساً زَكِيَّةً) على أنّ الفتى لم يكن بالغا. والبعض الآخر اعتبر عبارة (بِغَيْرِ نَفْسٍ) دليلا على أنّ الفتى كان بالغا ، ذلك لأنّ القصاص يجوز بحق البالغ فقط ، ولكن لا يمكن القطع في هذا المجال بالنسبة لنفس الآية.
«نكر» تعني القبيح والمنكر ، وأثرها أقوى من كلمة «إمر» التي وردت في حادثة ثقب السفينة ، والسبب في ذلك واضح ، فالأمر الأوّل قد أوجد الخطر لمجموعة من الناس ، إلّا أنّهم تداركوه بسرعة ، لكن ظاهر العمل الثّاني يدل على إرتكاب جريمة.
ومرّة أخرى كرّر العالم الكبير جملته السابقة التي اتسمت ببرود خاص ، حيث قال لموسى عليهالسلام : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً).
والاختلاف الوحيد مع الجملة السابقة هو إضافة كلمة «لك» التي تفيد التأكيد الأكثر ؛ يعني : إنّني قلت هذا الكلام لشخصك!
تذكر موسى تعهده فانتبه إلى ذلك وهو خجل ، حيث أخلّ بالعهد مرّتين ـ ولو بسبب النسيان ـ وبدأ تدريجيا يشعر بصدق عبارة الأستاذ في أنّ موسى لا يستطيع تحمّل أعماله ، لذا فلا يطيق رفقته كما قال له عند ما عرض عليه موسى الرفقة ، لذا فقد بادر الى الاعتذار وقال : إذا اعترضت عليك مرّة أخرى فلا تصاحبني وأنت في حل منّي : (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً). صيغة العذر هنا تدل على انصاف موسى عليهالسلام ورؤيته البعيدة للأمور ، وتبيّن أنّه عليهالسلام كان يستسلم للحقائق ولو كانت مرّة ؛ بعبارة أخرى : إنّ الجملة توضح وبعد ثلاث مراحل للاختبار أنّ مهمّة هذين الرجلين كانت مختلفة.
بعد هذا الكلام والعهد الجديد : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما