فقد رأيت وأنا في المنام بأنّي على مقربة من نهر (أولاي) وأن كبشا يقف قرب النهر وكان له قرنان طويلان ، ووجدته يضرب بقرنيه غربا وشمالا وجنوبا ، ولم يتقدم أحد أمامه ، ولأنّه لم يكن يوجد أحد أمامه ، لذا فإنّه كان يتصرف وفقا لما يريد ، وكان يكبر» (١).
وبعد ذلك نقل عن دانيال في هذا الكتاب قوله : «وقد تجلّى له جبرائيل (أي لدانيال) وفسّر منامه هكذا : إنّ الكبش ذا القرنين الذي رأيته فإنّه من ملوك المدائن وفارس (أو ملوك ماد وفارس).
لقد استبشر اليهود من رؤيا دانيال وعلموا بأنّ فترة عبوديتهم ستنتهي من قبضة البابليين.
ولم تمض مدّة طويلة حتى ظهر (كورش) على مسرح الحكم في إيران ووحّد بلاد (ماد وفارس) وشكّل منهما مملكة كبيرة ؛ وكما قال دانيال ، فإنّ الكبش كان يضرب بقرنه الغرب والشرق ، فإنّ كورش قام بالفتوحات الكبيرة في الجهات الثلاث ، وحرّر اليهود وسمح لهم بالعودة إلى فلسطين.
والطريف ما نقرؤه في التوراة في كتاب «أشعيا» فصل (٤٤) رقم (٢٨) : «ثمّ يقول بخصوص كورش : إنّه كان راعيا عندي (أي عند الرب) وسيقوم بتنفيذ مشيئتي».
يجب الانتباه إلى أنّ وصف كورش ورد في بعض تعبيرات التوراة على أنّه «عقاب المشرق» والرجل المدبّر الذي يأتي من مكان بعيد. (كتاب أشعيا فصل ٤٦ رقم ١١).
الأصل الثّاني : لقد تمّ العثور في القرن التاسع عشر الميلادي على تمثال لكورش في طول إنسان تقريبا ، وذلك بالقرب من مدينة «إصطخر» بجوار نهر «المرغاب» ويظهر من هذا التمثال أنّ لكورش جناحين من الجانبين يشبهان
__________________
(١) كتاب دانيال ، الفصل الثامن ، الجمل ١ ـ ٤.