مستقل ، ومن المعلوم أنّ فرضية تطور الأنواع لم تكن مسألة علمية قطعية لنحاول تفسير الآيات أعلاه بشكل آخر بسبب تضادّها وتعارضها مع هذه الفرضية ، وبتعبير آخر : طالما لا توجد قرينة واضحة على خلاف ظواهر الآيات فيجب أن نطبّقها بمعناها الظاهر ، وكذلك الحال في مورد خلق آدم المستقلّ.
ثمّ تشير الآية بعدها ، إلى خلق نسل الإنسان ، وكيفية تولّد أولاد آدم في مراحل ، فتقول : (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ).
«جعل» هنا بمعنى الخلق ، و «النسل» : بمعنى الأولاد والأحفاد في جميع المراحل.
«السلالة» في الأصل ، بمعنى العصارة الخالصة لكلّ شيء ، والمراد منها هنا نطفة الإنسان التي تعتبر عصارة كلّ وجوده ، ومبدأ حياة وتولّد الذريّة واستمرار النسل.
إنّ هذا السائل الذي يبدو تافها لا قيمة له ولا مقدار فإنّه يعدّ من الناحية البنائية والخلايا الحيوية التي تسبح فيه ، وكذلك تركيب السائل الخاصّ الذي تسبح فيه الخلايا رقيقا ودقيقا ومعقّدا إلى أبعد الحدود ، ويعتبر من آيات عظمة الله سبحانه ، وعلمه وقدرته. وكلمة «مهين» التي تعني الضعيف إشارة إلى وضعه الظاهري ، وإلّا فإنّه من أعمق أسرار الموجودات.
وتشير الآية التالية إلى مراحل تكامل الإنسان المعقّدة في عالم الرحم ، وكذلك المراحل التي طواها آدم عند خلقه من التراب ، فتقول : (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ).
«سوّاه» من التسوية ، أي الإكمال ، وهذه إشارة إلى مجموع المراحل التي يطويها الإنسان من حال كونه نطفة إلى المرحلة التي تتّضح فيها جميع أعضاء