على أوامر الله والعقل وعصيانها ، ونعلم أنّ كلّ من كفر ، أو ارتكب معصية فقد خرج على أوامر الله والعقل.
وممّا يجدر ذكره أنّ الثمرة ما دامت في قشرها فهي سالمة ، وبمجرّد أن تخرج من القشر تفسد ، وبناء على هذا فإنّ فسق الفاسق كفسق الثمرة ، وفساده كفسادها.
ونقل جمع من المفسّرين الكبار ففي ذيل هذه الآية أنّ «الوليد بن عقبة» قال يوما لعلي عليهالسلام : أنا أبسط منك لسانا ، وأحدّ منك سنانا! إشارة إلى أنّه ـ بظنّه ـ يفوق عليا في الفصاحة والحرب ، فأجابه علي عليهالسلام : «ليس كما تقول يا فاسق» ، إشارة إلى أنّك أنت الذي اتّهمت بني المصطلق بوقوفهم ضدّ الإسلام في قصّة جمع الزكاة منهم ، فكذّبك الله وعدّك فاسقا في الآية (٦) من سورة الحجرات : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...) (١).
وأضاف البعض هنا بأنّ آية : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) نزلت بعد هذه المحاورة ، لكن يبدو من ملاحظة أنّ السورة مورد البحث (سورة السجدة) نزلت في مكّة ، وقصّة الوليد وبني المصطلق وقعت في المدينة ، فهذا من قبيل تطبيق الآية على مصداق واضح لها.
وبناء على ما ذهب بعض المفسّرين من أنّ الآية أعلاه والآيتين بعدها مدنية ، لا يبقى إشكال من هذه الجهة ، ولا مانع من أن تكون هذه الآيات الثلاث قد نزلت بعد المحاورة أعلاه.
وعلى كلّ حال ، فلا بحث ولا جدال في إيمان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام العميق المتأصّل ، ولا في فسق الوليد ، حيث أشير في آيات القرآن لكلا الإثنين.
__________________
(١) أورد هذه الرواية العلّامة الطبرسي في مجمع البيان ، والقرطبي في تفسيره ، والفاضل البرسوئي في روح البيان. وممّا يستحقّ الانتباه أنّنا نقرأ في كتاب (اسد الغابة في معرفة الصحابة) أنّه لا خلاف بين المطلعين على تفسير القرآن والعالمين به في أنّ آية (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) قد نزلت في حقّ الوليد بن عقبة في قصّة بني المصطلق.