تشكّ أو تتردّد في أنّ «موسى» قد تلقّى آيات الله ، وقد جعلنا كتاب موسى «التوراة» وسيلة لهداية بني إسرائيل (وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ).
ثمّة اختلاف بين المفسّرين في عودة الضمير في قوله : (مِنْ لِقائِهِ) ، وقد احتملوا في ذلك سبعة احتمالات أو أكثر ، إلّا أنّ أقربها هو عودته إلى الكتاب ـ كتاب موسى السماوي ، أي «التوراة» ـ كما يبدو ، وله معنى المفعول وفاعله موسى ، وبناء على هذا فإنّ المعنى الكلّي لهذه الجملة يصبح : لا تشكّ في أنّ موسى عليهالسلام تلقّى الكتاب السماوي الذي القي إليه من قبل الله تعالى.
والشاهد القويّ على هذا التّفسير هو أنّه قد وردت في الآية أعلاه ثلاث جمل ، تتحدّث الجملتين الاولى والأخيرة عن التوراة قطعا ، فمن المناسب أن تتابع الجملة الوسط هذا المعنى أيضا ، لا أن تتحدّث عن القيامة أو القرآن المجيد حيث ستكون جملة معترضة في هذه الصورة ، ونعلم أنّ الجملة المعترضة خلاف الظاهر ، وما دمنا في غنى عنها فلا ينبغي التوجّه إليها.
السؤال الوحيد الذي يبقى في هذا التّفسير هو استعمال كلمة (لقاء) في مورد الكتاب السماوي ، حيث إنّ هذه الكلمة قد استعملت في القرآن الكريم غالبا بإضافتها إلى الله أو الربّ أو الآخرة وأمثالها ، وهي إشارة إلى القيامة. ولهذا السبب رجّح البعض كون الآية أعلاه تتحدّث أوّلا عن نزول التوراة على موسى ، ثمّ تأمر نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآله أن لا تشكّ في لقاء الله ومسألة المعاد ، ثمّ تعود إلى مسألة التوراة ، لكن في هذه الصورة ينهار الانسجام بين جمل هذه الآية ويزول التناسب فيما بينها.
غير أنّه ينبغي الالتفات إلى أنّ تعبير «لقاء» وإن لم يستعمل في القرآن في مورد الكتب السماوية ، إلّا أنّ الإلقاء والتلقّي قد استعمل مرارا في هذا المعنى ، كما في الآية (٢٥) من سورة القمر : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا).
ونقرأ في قصّة سليمان وملكة سبأ أنّها قالت عند ما وصلتها رسالة سليمان : (إِنِّي