إسرائيل ، بل هو درس لكلّ الأمم ، ولجميع مسلمي الأمس واليوم والغد بأن يحكموا أسس يقينهم ، ولا يخافوا من المشاكل التي تعترضهم في طريق التوحيد ، وأن يتحلّوا بالصبر والمقاومة ليكونوا أئمّة الخلق وقادة الأمم ومرشديها في تاريخ العالم.
التعبير بـ (يهدون) و (يوقنون) بصيغة الفعل المضارع دليل على استمرار هاتين الصفتين طيلة حياة هؤلاء ، لأنّ مسألة القيادة لا تخلو لحظة من المشكلات ، ويواجه شخص القائد وإمام الناس مشكلة جديدة في كلّ خطوة ، ويجب أن يهبّ لمواجهتها مستعينا بقوّة اليقين والاستقامة المستمرّة ، ويديم خطّ الهداية إلى الله سبحانه.
والجدير بالانتباه أنّ الآية تقيّد الهداية بأمر الله ، فتقول : (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) وهذا هو المهمّ في أمر الهداية بأن تنبع من الأوامر الإلهيّة ، لا من أمر الناس ، أو تقليد هذا وذاك ، أو بأمر من النفس والميول القلبية.
يقول الإمام الصادق عليهالسلام في حديثه العميق المحتوى ، بالاستناد إلى مضامين القرآن المجيد : «إنّ الأئمّة في كتاب الله عزوجل إمامان : قال الله تبارك وتعالى : وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا ، لا بأمر الناس ، يقدّمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، وقال : وجعلناهم أئمّة يدعون إلى النار ، يقدّمون أمرهم قبل أمر الله ، وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزوجل» (١).
ثمّ أنّ المراد من الأمر هنا هل هو الأمر التشريعي ، أم الأمر التكويني؟ ظاهر الآية يعطي المعنى الأوّل ، وتعبيرات الرّوايات والمفسّرين تؤيّد ذلك ، إلّا أنّ بعض كبار المفسّرين اعتبروه بمعنى الأمر التكويني.
__________________
(١) الكافي ، المجلّد الأوّل ، صفحة ١٦٨ باب أنّ الأئمّة في كتاب الله إمامان.