أولئك الذين يدعون إلى الشرك والآلهة المتعدّدة ينبغي أن تكون لهم قلوب متعدّدة ، ليجعلوا كلّ واحد منها بيتا لعشق معبود واحد!
من المسلّم أنّ شخصيّة الإنسان السليم شخصية واحدة ، وخطّه الفكري واحد ، ويجب أن يكون واحدا في وحدته واختلاطه بالمجتمع ، في الظاهر والباطن ، في الداخل والخارج ، وفي الفكر والعمل ، فإنّ كلّ نوع من أنواع النفاق أز ازدواج الشخصية أمر مفروض على الإنسان وعلى خلاف طبيعته.
إنّ الإنسان بحكم امتلاكه قلبا واحدا يجب أن يكون له كيان عاطفي واحد ، وأن يخضع لقانون واحد ..
ولا يدخل قلبه إلّا حبّ معشوق واحد ..
ويسلك طريقا معيّنا في حياته ، بأن يتآلف مع فريق واحد ، ومجتمع واحد ، وإلّا فإنّ التعدّد والتشتّت والطرق المختلفة والأهداف المتفرّقة ستقوده إلى اللاهدفية والانحراف عن المسير التوحيدي الفطري.
ولهذا نرى في حديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام في تفسير هذه الآية : «لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا في جوف إنسان ، إنّ الله لم يجعل لرجل قلبين في جوفه ، فيحبّ بهذا ويبغض بهذا ، فأمّا محبّنا فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه ، فمن أراد أن يعلم فليمتحن قلبه ، فإن شارك في حبّنا حبّ عدوّنا فليس منّا ولسنا منه» (١).
وبناء على هذا فإنّ القلب مركز الإعتقاد الواحد ، وينفّذ برنامجا عمليا واحدا ، لأنّ الإنسان لا يستطيع أن يعتقد بشيء حقيقة وينفصل عنه في العمل ، وما يدّعي بعض المعاصرين من أنّهم يمتلكون شخصيات متعدّدة ، ويقولون : إنّنا قد قمنا بالعمل الفلاني سياسيا ، وبذلك العمل دينيا ، والآخر اجتماعيا ، ويوجّهون بذلك
__________________
(١) تفسير علي بن إبراهيم ، طبقا لنقل نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، صفحة ٢٣٤.