أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله قال : «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه ، ومن ترك مالا فللوارث ، ومن ترك دينا أو ضياعا فإليّ وعليّ» (١).
ينبغي الالتفات إلى أنّ «الضياع» هنا بمعنى الأولاد أو العيال الذين بقوا بدون معيل ، والتعبير بـ «الدّين» قبلها قرينة واضحة على هذا المعنى ، لأنّ المراد بقاء الدّين بدون مال يسدّد به.
٢ ـ الحكم الثّاني في هذا الباب يتعلّق بأزواج النّبي حيث يعتبرن كامّهات لكلّ المؤمنين ، وهي طبعا أمومة معنوية وروحية ، كما أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله أب روحي ومعنوي للأمّة.
إنّ تأثير هذا الارتباط المعنوي كان منحصرا في مسألة حفظ احترام أزواج النّبي وحرمة الزواج منهنّ ، كما جاء الحكم الصريح بتحريم الزواج منهنّ بعد وفاة النّبي صلىاللهعليهوآله في آيات هذه السورة ، وإلّا فليس لهذه العلاقة أدنى أثر من ناحية الإرث وسائر المحرّمات النسبية والسببية ، أي إنّ المسلمين كان من حقّهم أن يتزوّجوا بنات النّبي ، في حين أنّ أيّ أحد لا يستطيع الزواج من ابنة امّه. وكذلك مسألة كونهنّ أجنبيات ، وعدم جواز النظر إليهن إلّا للمحارم.
في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ امرأة قالت لعائشة : يا امّه! فقالت :
لست لك لامّ إنّما أنا أمّ رجالكم» (٢) وهو إشارة إلى أنّ الهدف من هذا التعبير هو حرمة التزويج ، وهذا صادق في رجال الامّة فقط.
وثمّة مسألة مطروحة ، وهي احترامهنّ وتعظيمهنّ ـ كما قلنا ـ إضافة إلى قضيّة عدم الزواج ، ولذلك فإنّ نساء المسلمين كنّ قادرات على مخاطبة نساء النّبي
__________________
(١) نقل هذا الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله في وسائل الشيعة ، الجزء ٧ ، صفحة ٥٥١ ، وورد هذا المضمون بتفاوت يسير في تفسير القرطبي ، وروح المعاني في ذيل الآيات مورد البحث ، وورد أيضا في صحيح البخاري ، المجلّد ٦ ، صفحة ١٤٥ تفسير سورة الأحزاب.
(٢) مجمع البيان ، وروح المعاني ، ذيل الآيات مورد البحث.