بالامّ بعنوان احترامهنّ.
والشاهد لهذا القول ، أنّ القرآن الكريم يقول : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) وهذا يعني أولوية النّبي بكلّ النساء والرجال ، وضمير الجملة التالية يعود إلى هذا العنوان الواسع المعنى ، ولذلك نقرأ في العبارة التي نقلت عن «امّ سلمة» ـ وهي من أزواج النّبي صلىاللهعليهوآله ـ أنّها قالت : أنا امّ الرجال منكم والنساء (١).
وهنا يطرح سؤال ، وهو : هل أنّ تعبير (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) يتناقض مع ما ورد في الآية (٢) من سورة المجادلة : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) فكيف تعتبر نساء النّبي ـ والحال هذه ـ امّهات المسلمين ولم يولدوا منهنّ؟
وينبغي في الإجابة على هذا السؤال الالتفات إلى أنّ مخاطبة امرأة ما بالامّ إمّا أن تكون من الناحية الجسمية أو الروحية ..
فأمّا من الناحية الجسمية : فإنّ هذه المخاطبة تكون واقعية في حالة كون الإنسان مولودا منها فقط ، وهذا هو الذي جاء في الآيات السابقة بأنّ الامّ الجسمية للإنسان هي التي تلده فقط.
وأمّا الأب أو الامّ الروحيين ، فهو الذي له حقّ معنويّ على الإنسان كالنّبي صلىاللهعليهوآله الذي يعتبر الأب الروحي للامّة ، ولأجله اكتسبت أزواجه منزلة واحترام الامّ.
والإشكال الذي كان يوجّه إلى عرب الجاهلية في مورد «الظهار» أنّهم عند ما كانوا يخاطبون أزواجهم بخطاب الامّ فمن المسلّم أنّ مرادهم ليس الامّ المعنوية ، بل المقصود أنّهنّ كالامّ الجسمية ، ولذلك كانوا يعدّونه نوعا من الطلاق ، ونعلم أنّ الامّ الجسمية لا تتحقّق بمجرّد الألفاظ ، بل إنّ شرط ذلك الولادة الجسمية ، وبناء على هذا فإنّ كلامهم كان منكرا وزورا.
__________________
(١) روح المعاني ، ذيل الآيات مورد البحث.