فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يرجعوا.
و «يثرب» هو الاسم القديم للمدينة قبل أن يهاجر إليها النّبي صلىاللهعليهوآله ، وبعد هجرته أصبح اسمها تدريجيا «مدينة الرّسول» ، ومخفّفها المدينة.
ولهذه المدينة أسماء عديدة ، ذكر لها الشريف المرتضى (رحمة الله عليه) أحد عشر اسما آخر إضافة إلى هذين الاسمين ، ومن جملتها : طيبة ، وطابة ، وسكينة ، والمحبوبة ، والمرحومة ، والقاصمة. ويعتقد البعض أنّ «يثرب» اسم لأرض هذه المدينة (١).
وجاء في بعض الروايات أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله قال : «لا تسمّوا هذه المدينة يثرب» وربّما كان ذلك بسبب أنّ يثرب في الأصل من مادّة «ثرب» (على وزن حرب) أي اللوم ، ولم يكن النّبي صلىاللهعليهوآله ليرضى مثل هذا الاسم لهذه المدينة المباركة.
وعلى كلّ حال فإنّ خطاب المنافقين لأهل المدينة بـ (يا أهل يثرب) لم يكن خطابا عشوائيا ، وربّما كان الباعث لخطابهم بهذا الاسم أنّهم كانوا يعلمون أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله يشمئز من هذا الاسم ، أو أنّهم كانوا يريدون إعلان عدم اعترافهم بالإسلام واسم مدينة الرّسول ، أو أن يعودوا بأهلها إلى مرحلة الجاهلية!
وتشير الآية التالية إلى ضعف إيمان هذه الفئة ، فتقول : إنّ هؤلاء بلغ بهم ضعف الإيمان إلى درجة أنّ جيش الكفر لو دخل المدينة من كلّ جانب وصوب ، واستولى عليها ، ثمّ دعاهم إلى الشرك والكفر فسوف يقبلون ذلك ويسارعون إليه : (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً).
من المعلوم أنّ أناسا بهذا الضعف والتزلزل وعدم الثبات غير مستعدّين للقاء العدوّ ومحاربته ، ولا هم متأهّبون لتقبّل الشهادة في سبيل الله ، بل يستسلمون بسرعة ويغيّرون مسيرهم ، وبناء على هذا ، فإنّ المراد من كلمة «الفتنة» هنا هي
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد ٨ ، صفحة ٣٤٦.