الأفعال بصيغة المتكلّم ، فيقول : نحن أنزلنا من السماء ماء ، ونحن أنبتنا النباتات في الأرض.
وهذا بنفسه أحد فنون الفصاحة ، حيث إنّهم عند ما يريدون ذكر امور مختلفة ، فإنّهم يبيّنونها بشكلين أو أكثر ، كي لا يشعر السامع بأيّ نوع من الضجر والرتابة ، إضافة إلى أنّ هذا التعبير يوضّح أنّ نزول المطر ونمو النبات كانا محطّ اهتمام خاصّ.
ثمّ تشير هذه الآية مرّة أخرى إلى مسألة (الزوجيّة في عالم النباتات) وهي أيضا من معجزات القرآن العلميّة ، لأنّ الزوجيّة ـ أي وجود الذكر والأنثى ـ في عالم النباتات لم تكن ثابتة في ذلك الزمان بصورة واسعة ، والقرآن كشف الستار عنها. ولزيادة التفصيل حول هذه المسألة يمكنكم مراجعة ذيل الآية (٧) من سورة الشعراء.
ثمّ إنّ وصف أزواج النباتات بـ «الكريم» إشارة ضمنية إلى أنواع المواهب الموجودة فيها.
بعد ذكر عظمة الله في عالم الخلقة ، وذكر صور مختلفة من المخلوقات ، وجّهت الآية الخطاب إلى المشركين ، وجعلتهم موضع سؤال واستجواب ، فقالت : (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)؟!
من المسلّم أنّ أولئك لم يكونوا يستطيعون ادّعاء كون أيّ من المخلوقات من خلق الأصنام ، وعلى هذا فإنّهم كانوا يقرّون بتوحيد الخالق ، مع هذا الحال كيف يستطيعون تعليل الشرك في العبادة؟! لأنّ توحيد الخالق دليل على توحيد الربّ وكون مدبّر العالم واحدا ، وهو دليل على توحيد العبوديّة.
ولذلك اعتبرت الآية عمل أولئك منطبقا على الظلم والضلال ، فقالت : (بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
ومعلوم أنّ «الظلم» له معنى واسعا يشمل وضع كلّ شيء في غير موضعه ، ولمّا