مَنْ تَشاءُ).
«ترجي» من (الإرجاء) ، أي : التأخير ، و «تؤوي» ، من (الإيواء) ويعني استضافة شخص في بيتك.
ونعلم أنّ أحكام الإسلام في شأن الزوجات المتعدّدة تقضي بأن يقسم الزوج أوقاته بينهنّ بصورة عادلة ، فإن بات ليلة عند واحدة ، فيجب أن يبيت الليلة الاخرى عند غيرها ، إذ لا فرق ولا اختلاف بين النساء من هذه الجهة ، ويعبّرون عن هذا الموضوع في الكتب الفقهيّة الإسلامية بـ «حقّ القسم».
فكانت إحدى مختصّات النّبي صلىاللهعليهوآله هي سقوط رعاية حقّ القسم منه بحكم الآية أعلاه ، وذلك نتيجة للظروف الخاصّة التي كان يعيشها ، والأوضاع المضطربة التي كانت تحيط به من كلّ جانب ، وخاصّة أنّ الحرب كانت تفرض عليه كلّ شهر تقريبا ، وكان له في نفس الوقت زوجات متعدّدة ، وبسقوط هذا الواجب عنه فقد كان قادرا على أن يقسم أوقاته كيف يشاء ، غير أنّه صلىاللهعليهوآله كان يراعي تحقيق العدالة ما أمكن رغم هذه الظروف ، كما جاء ذلك في التواريخ الإسلامية صريحا.
إلّا أنّ وجود هذا الحكم الإلهي قد منح نساء النّبي الراحة والاطمئنان ، وأضفى على حياته الداخلية الهدوء والسكينة.
ثمّ تضيف الآية : وعند ما ترغب عن إحداهن وتعتزلها ، ثمّ ترغب فيها فلا تثريب عليك : (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ).
وبهذا فليس الخيار بيدك في البداية وحسب ، بل إنّه بيدك حتّى في الأثناء أيضا ، وهو في الاصطلاح «تخيير استمراري» لا ابتدائي ، وبهذا الحكم الواسع ستقطع كلّ الحجج من برنامج حياتك فيما يتعلّق بأزواجك ، وتستطيع أن تسخّر فكرك لمسؤوليات الرسالة العظيمة الثقيلة.
ومن أجل أن تعلم نساء النّبي بأنهنّ إن أذعنّ لأمر الله تعالى في مسألة تقسيم أوقات النّبي صلىاللهعليهوآله فإنّه يعتبر وسام فخر لهنّ يضاف إلى الفخر بكونهنّ أزواج النّبي