صلىاللهعليهوآله ، إذ أنّ هذا التسليم نوع من التضحية والإيثار ، وليس فيه أيّ عيب وانتقاص ، ولذلك يضيف سبحانه : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ).
وذلك أوّلا : لأنّ هذا الحكم عامّ يشملهنّ جميعا ولا يتفاوتن فيه ، وثانيا : إنّ الحكم الذي يشرع من جانب الله سبحانه إنّما يشرع لمصلحة مهمّة ، وبناء على هذا فيجب الإذعان له برغبة ورضا ، فينبغي مضافا إلى عدم القلق والتأثّر أن يفرحن لذلك.
لكن النّبي صلىاللهعليهوآله ـ وكما أشرنا إلى ذلك ـ كان يراعي تقسيم أوقاته بينهنّ بعدالة قدر المستطاع ، إلّا في الظروف الخاصّة التي كانت توجب عدم التسوية وتحتّمه ، وكان هذا بحدّ ذاته مطلبا آخر يبعث على ارتياحهنّ ، لأنّهنّ كنّ يرين أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله يسعى للتسوية بينهنّ مع كونه مخيّرا.
وأخيرا ينهي المطلب بهذه الجملة : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) لا يستعجل في إنزال العقاب بالمذنبين.
أجل .. إنّ الله يعلم بأيّ حكم قد رضيتم ، وله أذعنتم بقلوبكم ، وعن أي حكم لم ترضوا.
وهو سبحانه يعلم إلى من أكثر من أزواجكم ، ومن منهنّ تحظى باهتمام أقل ، ويعلم كيف تراعون حكمه وتنفّذوه مع هذا الاختلاف في الميول والرغبات.
وكذلك يعلم سبحانه من هم الذين يجلسون جانبا ، ويعترضون على أحكام الله في شأن النّبي صلىاللهعليهوآله ، ويعارضونها بقلوبهم ، ويعلم من هو الذي يرضى عن هذه الأحكام ويتقبّلها بدون اعتراض.
بناء على هذا فإنّ تعبير (قلوبكم) واسع يشمل النّبي صلىاللهعليهوآله وأزواجه ، ويشمل كلّ المؤمنين الذين يقبلون بهذه الأحكام ، أو
* * *