والوصول إلى الحقّ من جهة القول والعمل ، ومعرفة الله.
إلّا أنّ كلّ هذه المعاني يمكن جمعها في تعريف واحد ، فالحكمة التي يتحدّث عنها القرآن ، والتي كان الله قد آتاها لقمان ، كانت مجموعة من المعرفة والعلم ، والأخلاق الطاهرة والتقوى ونور الهداية.
وفي حديث عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، أنّه قال لهشام بن الحكم في تفسير هذه الآية : «إنّ الحكمة هي الفهم والعقل» (١).
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية ، أنّه قال : «أوتي معرفة إمام زمانه» (٢).
ومن الواضح أنّ كلّا من هذه المفاهيم يعتبر أحد فروع معنى الحكمة الواسع ، ولا منافاة بينها.
وعلى كلّ حال ، فإنّ لقمان بامتلاكه هذه الحكمة كان يشكر الله ، فقد كان يعلم الهدف من وراء هذه النعم الإلهيّة ، وكيفيّة استغلالها والاستفادة منها ، وكان يضعها بدقّة وصواب كامل في مكانها المناسب لتحقيق الهدف الذي خلقت من أجله ، وهذه هي الحكمة ، هي وضع كلّ شيء في موضعه ، وبناء على هذا فإنّ الشكر والحكمة يعودان إلى نقطة واحدة.
وقد اتّضحت نتيجة الشكر والكفران للنعم بصورة ضمنية في الآية ، وهي أنّ شكر النعمة سيكون من صالح الإنسان وفي منفعته ، وأنّ كفران النعمة سيكون سببا لضرره أيضا ، لأنّ الله سبحانه غنيّ عن العالمين ، فلو أنّ كلّ الممكنات قد شكرته فلا يزيد في عظمته شيء ، ولو أنّ كلّ الكائنات كفرت فلا ينقص من كبريائه شيء! إنّ «اللام» في جملة (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) لام الإختصاص ، و «اللام» في (لِنَفْسِهِ) لام النفع ، وبناء على هذا ، فإنّ نفع الشكر ، والذي ودوام النعمة وكثرتها ، إضافة
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٣. كتاب العقل والجهل حديث ١٢.
(٢) نور الثقلين ، الجزء ٤ ، صفحة ١٩٦.