إلى ثواب الآخرة يعود على الإنسان نفسه ، كما أنّ مضرّة الكفر تحيق به فقط.
والتعبير بـ (غَنِيٌّ حَمِيدٌ) إشارة إلى شكر الناس للأفراد العاديين أمّا أن يؤدّي إلى النفع المادّي للمشكور ، أو زيادة مكانة صاحبه في أنظار الناس ، إلّا أنّ أيّا من هذين الأمرين لا معنى له ولا مصداق في حقّ الله تعالى ، فإنّه غنيّ عن الجميع ، وهو أهل لحمد كلّ الحامدين وثنائهم ، فالملائكة تحمده ، وكلّ ذرّات الوجود والموجودات مشغولة بتسبيحه ، وإذا ما نطق إنسان بالكفر فليس له أدنى تأثير ، فحتّى ذرّات وجوده مشغولة بحمده وثنائه بلسان الحال!
وممّا يجدر ذكره أنّ الشكر قد ذكر بصيغة المضارع ، والذي يدلّ على الاستمرار ، أمّا الكفر فقد جاء بصيغة الماضي الذي يصدق حتّى على المرّة الواحدة ، وهذا إشارة إلى أنّ الكفران ولو لمرّة واحدة يمكن أن يؤدّي إلى عواقب وخيمة مؤلمة ، أمّا الشكر فإنّه لازم ، ويجب أن يكون مستمرّا ليطوي الإنسان مسيره التكاملي.
وبعد تعريف لقمان ومقامه العلمي والحكمي ، أشارت الآية التالية إلى اولى مواعظه ، وهي في الوقت نفسه أهمّ وصاياه لولده ، فقالت : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
إنّ حكمة لقمان توجب عليه أن يتوجّه قبل كلّ شيء إلى أهمّ المسائل الأساسية ، وهي مسألة التوحيد .. التوحيد في كلّ المجالات والأبعاد ، لأنّ كلّ حركة هدّامة ضدّ التوجّه الإلهي تنبع من الشرك ، من عبادة الدنيا والمنصب والهوى وأمثال ذلك ، والذي يعتبر كلّ منها فرعا من الشرك.
كما أنّ أساس كلّ الحركات الصحيحة البنّاءة هو التوحيد والتوجّه إلى الله ، وإطاعة أوامره ، والابتعاد عن غيره ، وكسر كلّ الأصنام في ساحة كبريائه!
وممّا يستحقّ الإشارة أنّ لقمان الحكيم قد جعل علّة نفي الشرك هو أنّ الشرك