ومن البديهي أنّ هذا الكلام لا يعني أنّه كان لأولئك الطائشين حقّ أذى الجواري ، بل المراد سلب الحجّة من الأفراد الفاسدين.
والآخر : أنّ الهدف هو أن لا تتساهل المسلمات في أمر الحجاب كبعض النساء المتحلّلات والمتبرجات المسلوبات الحياء رغم التظاهر بالحجاب ، هذا التبرّج يغري السفلة والأراذل ويلفت انتباههم.
أمّا المراد من «الجلباب» فقد ذكر المفسّرون وأرباب اللغة عدّة معان له :
١ ـ أنّه «الملحفة» ، وهي قماش أطول من الخمار يغطّي الرأس والرقبة والصدر.
٢ ـ أنّه المقنعة والخمار.
٣ ـ أنّه القميص الفضفاض الواسع (١).
ومع أنّ هذه المعاني تختلف عن بعضها ، إلّا أنّ العامل المشترك فيها أنّها تستر البدن.
وتجدر الإشارة إلى أنّ «الجلباب» يقرأ بكسر الجيم وفتحها.
إلّا أنّ الأظهر أنّ المراد هو الحجاب الذي يكون أكبر من الخمار وأقصر من العباءة ، كما ذكر ذلك صاحب لسان العرب.
والمراد من (يدنين) أن يقربن الجلباب إلى أبدانهن ليكون أستر لهنّ ، لا أن يدعنه كيف ما كان بحيث يقع من هنا وهناك فينكشف البدن ، وبتعبير أبسط أن يلاحظن ثيابهنّ ويحافظن على حجابهنّ.
أمّا ما استفاده البعض من أنّ الآية تدلّ على وجوب ستر الوجه أيضا ، فلا دليل عليه ، والنادر من المفسّرين من اعتبر ستر الوجه داخلا في الآية (٢).
وعلى كلّ حال ، فيستفاد من هذه الآية أنّ حكم الحجاب بالنسبة للحرائر كان
__________________
(١) لسان العرب ، مجمع البحرين ، مفردات الراغب القطر المحيط ، وتاج العروس.
(٢) كان لنا بحث حول فلسفة الحجاب وأهميّته ، وكذلك حول استثناء الوجه والكفّين في ذيل الآيتين ٣١ و٣٢ من سورة النور.