(قصّة نفوذ الجرذان الصحراوية في السدّ ، مع كونها ممكنة ـ كما سيرد شرحه فيما بعد ـ لكن تعبير الآية ليس فيه أدنى تناسب مع هذا المعنى).
في «لسان العرب» ، مادّة «عرم» وردت معان مختلفة من جملتها «السيل الذي لا يطاق» ومنه قوله تعالى «الآية» ، وقيل : إضافة إلى المسنّاة أو السدّ ، وقيل : إلى الفأر (١).
ولكن أنسب التفاسير هو الأوّل ، وهو الذي اعتمده ـ أيضا ـ علي بن إبراهيم في تفسيره.
بعدئذ يصف القرآن الكريم عاقبة هذه الأرض كما يلي : (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ).
«أكل» : بمعنى الطعام.
«خمط» : بمعنى النبات المرّ وهو «الأراك».
«أثل» : شجر معروف.
وبذا يكون قد نبت محلّ تلك الأشجار الخضراء المثمرة ، أشجار صحراوية غليظة ليست ذات قيمة ، والتي قد يكون «السدر» أهمّها ، وهذا أيضا كان نادرا بينها. ولك ـ أيّها القارئ ـ أن تتخيّل أي بلاء حلّ بهؤلاء وبأرضهم؟!
ولعلّ ذكر هذه الأنواع الثلاثة من الأشجار التي بقيت في تلك الأرض المدمّرة إشارة إلى ثلاثة امور : أحدها قبيح المنظر ، والثّاني لا نفع فيه ، والثالث له منفعة قليلة جدّا.
يقول تعالى في الآية التالية بصراحة وكتلخيص واستنتاج لهذه القصّة (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا).
ويجب أن لا يتبادر إلى الذهن بأنّ هذا المصير يخصّ هؤلاء القوم ، بل إنّ من
__________________
(١) لسان العرب مادّة «عرم» ج ١٢ ، ص ٣٩٦.