أنّها القرى التي كانت على مرتفعات من الأرض فكانت واضحة للعابرين.
أمّا ما هي «الأرض المباركة»؟ فقد أجمع أغلب المفسّرين على أنّها «أرض الشام» (سوريا وفلسطين والأردن) ، لأنّ هذا التعبير اطلق على نفس هذه المنطقة في الآية الاولى من سورة الإسراء ، والآية (٨١) من سورة الأنبياء.
ولكن بعض المفسّرين احتمل أنّ المقصود منها هو «صنعاء» أو «مأرب» وكلتاهما كانتا في اليمن ، ولا يستبعد هذا التّفسير ، لأنّ المسافة بين (اليمن) الواقعة في أقصى جنوب الجزيرة العربية ، و (الشام) الواقعة في أقصى شمالها ، شاسعة ومليئة بالصحاري اليابسة المقفرة ممّا يجعل تفسير الأرض المباركة هنا (بالشام) بعيدا جدّا ، ولم ينقل في التواريخ ما يشير إلى ذلك.
بعضهم احتمل أيضا أن يكون المقصود (بالأرض المباركة). (مكّة) وهو بعيد أيضا.
هذا من جهة العمران ، ولكن العمران وحده لا يكفي ، بل إنّ شرطه الأساسي هو «الأمان» ، ولذلك تضيف الآية (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) أي جعلنا بينها فواصل معتدلة. (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ).
وبهذا فإنّ الفواصل والمسافات بين القرى كانت متناسقة محسوبة ، وكذلك فإنّها طرق محفوظة من حملات الضواري أو السرّاق أو قطّاع الطرق. بحيث أنّ الناس كانوا يسافرون خلال هذه الطرق. بلا زاد أو دواب وبلا استفادة من الحراس المسلّحين ، ولم يكونوا يخافون من حوادث الطريق أو قلّة الماء والزاد لديهم.
أمّا بأيّة وسيلة تمّ إبلاغ هذه الرسالة للناس (سِيرُوا فِيها) الآية ، يرد أيضا الاحتمالان بأن يكون ذلك بواسطة أحد الأنبياء عليهمالسلام ، أو أنّ ظاهر حال المنطقة كان يوصل هذا المعنى إلى وجدانهم.
تقديم «الليالي» على «الأيّام» قد يكون بلحاظ أنّ وجود الأمن في الليل من