أوّلا ، يقول تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ). أي ولا بالكتب السماوية السابقة.
كلمة «لن» للنفي الأبدي ، وعليه فهم يريدون القول لرسول الله صلىاللهعليهوآله : انّك حتّى لو بقيت تدعونا للإيمان إلى الأبد فلن نؤمن لك ، وهذا دليل على عنادهم ، بحيث أنّهم صمّموا على موقفهم إلى الأبد ، في حين أنّ من يطلب الحقّ ويسعى له ، إذا لم يقتنع بدليل ما لا يمكنه أن ينكر جميع الأدلّة الممكن ظهورها مستقبلا قبل أن يسمعها ، فيقول : إنّي أردّ جميع الأدلّة الأخرى أيضا.
أمّا من المقصود بـ «الذين كفروا»؟ فقد أشار جمع من المفسّرين إلى أنّهم «المشركون» ، وبعضهم أشار إلى أنّهم «اليهود وأهل الكتاب» ، ولكن القرائن الواردة في الآيات اللاحقة ، والتي تتحدّث عن الشرك ، تدلّل على أنّ المقصود هم المشركون.
والمقصود من «الذي بين يديه» هو تلك الكتب السماوية التي نزلت قبل القرآن على أنبياء سابقين ، وقد ورد هذا التعبير في كثير من آيات القرآن مشيرا إلى هذا المعنى ـ خصوصا بعد ذكر القرآن ـ وما احتمله البعض من أنّ المقصود منه هو «المعاد» أو «محتوى القرآن» فيبدو بعيدا جدّا.
على كلّ حال فإنّ إنكار الإيمان بكتب الأنبياء السابقين ، يحتمل أن يكون المقصود به. نفي نبوّة الرّسول صلىاللهعليهوآله من خلال نفي الكتب السماوية الاخرى ، باعتبار أنّ القرآن أكّد على موضوع ورود دلائل على نبوّة الرّسول صلىاللهعليهوآله في التوراة والإنجيل ، ولهذا يقولون : نحن لا نؤمن لا بهذا الكتاب ولا بالكتب التي سبقته.
ثمّ تنتقل إلى الحديث حول وضع هؤلاء في القيامة من خلال مخاطبة الرّسول صلىاللهعليهوآله فيقول تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ