وجودك ، وتمنعك عن الفحشاء والمنكر.
وبعد الصلاة يتطرّق لقمان إلى أهمّ دستور اجتماعي ، أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيقول : (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
وبعد هذه الأوامر العمليّة المهمّة الثلاثة ، ينتقل إلى مسألة الصبر والاستقامة ، والتي هي من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فيقول : (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
من المسلّم أنّه توجد مشاكل وعقبات كثيرة في سائر الأعمال الاجتماعية ، وخاصّة في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن المسلّم أيضا أنّ أصحاب المصالح والمتسلّطين ، والمجرمين والأنانيّين لا يستسلمون بهذه السهولة ، بل يسعون إلى إيذاء واتّهام الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ولا يمكن الإنتصار على هذه المصاعب والعقبات بدون الصبر والتحمّل والاستقامة أبدا.
«العزم» بمعنى الإرادة المحكمة القويّة ، والتعبير بـ (عَزْمِ الْأُمُورِ) هنا إمّا بمعنى الأعمال التي أمر الله بها أمرا مؤكّدا ، أو الأمور والأعمال التي يجب أن يمتلك الإنسان فيها إرادة فولاذية وتصميما راسخا ، وأيّا من هذين المعنيين كان فإنّه يشير إلى أهميّة تلك الأعمال.
والتعبير بـ «ذلك» إشارة إلى الصبر والتحمّل ، ويحتمل أيضا أن يعود إلى كلّ الأمور والمسائل التي ذكرت في الآية أعلاه ، ومن جملتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلّا أنّ هذا التعبير قد ورد بعد مسألة الصبر في بعض الآيات القرآنية الاخرى ، وهذا يدعم ويقوّي الاحتمال الأوّل.
ثمّ انتقل لقمان إلى المسائل الأخلاقية المرتبطة بالناس والنفس ، فيوصي أوّلا بالتواضع والبشاشة وعدم التكبّر ، فيقول : (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) أي لا تعرض بوجهك عن الناس (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ).