«تصعّر» : من مادّة (صعّر) ، وهي في الأصل مرض يصيب البعير فيؤدّي إلى اعوجاج رقبته.
و «المرح» : يعني الغرور والبطر الناشئ من النعمة.
و «المختال» : من مادّة (الخيال) و (الخيلاء) ، وتعني الشخص الذي يرى نفسه عظيما وكبيرا ، نتيجة سلسلة من التخيّلات والأوهام.
و «الفخور» : من مادّة (الفخر) ويعني الشخص الذي يفتخر على الآخرين.
والفرق بين كلمتي المختال والفخور ، أنّ الاولى إشارة إلى التخيّلات الذهنيّة للكبر والعظمة ، أمّا الثّانية فهي تشير إلى أعمال التكبّر الخارجي.
وعلى هذا ، فإنّ لقمان الحكيم يشير هنا إلى صفتين مذمومتين جدّا وأساس توهين وقطع الروابط الاجتماعية الصميميّة : إحداهما التكبّر وعدم الاهتمام بالآخرين ، والاخرى الغرور والعجب بالنفس ، وهما مشتركتان من جهة دفع الإنسان إلى عالم من التوهّم والخيال ونظرة التفوّق على الآخرين ، وإسقاطه في هذه الهاوية ، وبالتالي تقطعان علاقته بالآخرين وتعزلانه عنهم ، خاصّة وأنّه بملاحظة الأصل اللغوي لـ «صعّر» سيتّضح أنّ مثل هذه الصفات مرض نفسي وأخلاقي ، ونوع من الانحراف في التشخيص والتفكير ، وإلّا فإنّ الإنسان السالم من الناحية الروحية والنفسية لا يبتلى مطلقا بمثل هذه الظنون والتخيّلات.
ولا يخفى أنّ مراد لقمان لم يكن مسألة الإعراض عن الناس ، أو المشي بغرور وحسب ، بل المراد محاربة كلّ مظاهر التكبّر والغرور ، ولمّا كانت هذه الصفات تظهر في طليعة الحركات العاديّة اليوميّة ، فإنّه وضع إصبعه على مثل هذه المظاهر الخاصّة.
ثمّ بيّن في الآية التالية أمرين وسلوكين أخلاقيين إيجابيّين في مقابل النهيين عن سلوكين سلبيين في الآية السابقة فيقول : ابتغ الاعتدال في مشيك : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) وابتغ الاعتدال كذلك في كلامك ولا ترفع صوتك عاليا (وَاغْضُضْ مِنْ