أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ).
وذلك إشارة إلى أنّ العاقل حينما يتصرّف أي تصرّف يجب أن يكون لتصرفه باعث ، فحينما يثبت لكم بأنّ لدي عقل كامل ، وترون بأن ليس لي هدف مادّي ، فيجب أن تعلموا بأنّ هناك دافعا ومحرّكا إلهيا ومعنويا هو الذي دفعني إلى ذلك التصرّف أو العمل.
بتعبير آخر : أنا دعوتكم للتفكّر ، والآن تأمّلوا ، واسألوا وجدانكم ، أي سبب يدعوني لأن أنذركم من العذاب الإلهي الشديد؟ ، وأي ربح سوف أجنيه من هذا العمل؟ ، وأي فائدة مادية لي فيه؟. إضافة إلى ذلك فإن كانت حجّتكم في هذا الإعراض ومخالفة الحقّ ، هو أنّكم ستدفعون لي أجرا عليه ، فسيضيع جزافا ، لأنّي أساسا لم أطالبكم بأي أجر أو جزاء.
كذلك فقد ورد هذا المعنى بصراحة أيضا في الآية (٤٦) من سورة القلم (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ).
أمّا ما هو تفسير جملة (فَهُوَ لَكُمْ)؟ فهناك تفسيران :
الأوّل : أنّ الجملة كناية عن عدم المطالبة بأي أجر كما لو قلت «كلّ ما أردته منك فهو لك» كناية عن أنّك لا تريد شيئا مطلقا. والدليل على ذلك هو الجملة التالية والتي تقول : (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ).
الثاني : أنّكم إن لاحظتم أنّي في بعض ما أخبرتكم به عن الله سبحانه وتعالى ، قلت لكم : (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١) ، فهذا أيضا يعود نفعه إليكم ، لأنّ مودّة ذي القربى ترتبط بمفهوم (الإمامة والولاية) و «استمرار خطّ النبوّة ، الذي هو ضروري لإدامة هدايتكم.
الدليل على هذا القول هو ما ورد في أسباب النّزول الذي نقله بعضهم هنا ، ففي
__________________
(١) الشورى ، ٢٣.