ذرّات ذلك التراب؟! فإنّ علم الله اللامتناهي ، وقدرته اللامحدودة تجيبهم عن سؤالهم ، فإنّه قد جعل بين الموجودات روابط وعلاقات بحيث أنّ الواحد منها كالمجموعة ، والمجموعة كالواحد.
وأساسا فإنّ انسجام وترابط هذا العالم بشكل ترجع كلّ كثرة فيه إلى الوحدة ، وخلقة مجموع البشر تتّبع خلقة إنسان واحد.
وإذا كان تعجّب هؤلاء من قصر الزمان ، لأنّه كيف يمكن أن تطوى المراحل التي يطويها الإنسان خلال سنين طوال من كونه نطفة إلى مرحلة الشباب ، في لحظات قصيرة؟! فإنّ قدرة الله تجيب على هذا التساؤل أيضا ، فإنّنا نرى في عالم الأحياء أنّ أطفال الإنسان يحتاجون لمدّة طويلة ليتعلّموا المشي بصورة جيّدة ، أو يصبحوا قادرين على الاستفادة من كلّ أنواع الأغذية ، في حين أنّنا نرى الفراخ بمجرّد أن تخرج من البيضة تنهض وتسير ، وتأكل دونما حاجة حتّى للامّ ، وهذه الظاهرة تبيّن أنّ هذه الأمور لا تعني شيئا أمام قدرة الله عزوجل.
إنّ ذكر كون الله «سميعا وبصيرا» في نهاية الآية قد يكون جوابا عن إشكال آخر من جانب المشركين ، وهو على فرض أنّ جميع البشر على اختلاف خلقتهم ، وبكلّ خصوصياتهم يبعثون ويحيون في ساعة واحدة ، لكن كيف ستخضع أعمالهم وكلامهم للحساب ، فإنّ الأعمال والأقوال امور تفنى بعد الوجود؟!
فيجيب القرآن بأنّ الله سميع وبصير ، قد سمع كلّ كلامهم ، ورأى كلّ أعمالهم ، علاوة على أنّ الفناء المطلق لا معنى ولا وجود له في هذا العالم ، بل إنّ أعمالهم وأقوالهم موجودة دائما.
وإذا تجاوزنا ذلك فإنّ الجملة أعلاه تهديد لهؤلاء المعاندين ، بأنّ الله سبحانه مطّلع على أقوالكم ومؤامراتكم ، بل وحتّى على ما في قلوبكم وضمائركم.
الآية التالية تأكيد وبيان آخر لقدرة الله الواسعة ، وقد وجّهت الخطاب إلى النّبي صلىاللهعليهوآله فقالت : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ