لا شكّ أنّ حركة السفن على سطح المحيطات تتمّ بمجموعة من قوانين الخلقة : ـ فحركة الرياح المنتظمة من جهة.
ـ والوزن الخاصّ للخشب أو المواد التي تصنع منها تلك السفينة من جانب آخر.
ـ ومستوى كثافة الماء من جانب ثالث.
ـ ومقدار ضغط الماء على الأجسام التي تسبح فيه من جهة رابعة.
وحينما يحدث اختلال في واحد من هذه الأمور فإنّ السفينة إمّا أن تغرق وتنزل إلى قعر البحر ، أو تنقلب ، أو تبقى حائرة لا تهتدي إلى سبيل نجاتها في وسط البحر.
غير أنّ الله جلّ وعلا الذي أراد أن يجعل البحار الواسعة أفضل السبل وأهمّها لسفر البشر ، ونقل المواد التي يحتاجونها من نقطة إلى اخرى ، قد هيّأ ويسّر هذه الشروط والظروف ، وكلّ منها نعمة من نعمه تعالى.
إنّ عظمة قدرة الله سبحانه في ميدان المحيطات ، وصغر الإنسان مقابلها ، تبلغ حدّا بحيث إنّ كلّ البشر في العالم القديم ـ الذي كانت السفن تعتمد على الرياح في حركتها ـ لو اجتمعوا ليحرّكوا سفينة وسط البحر عكس اتّجاه ريح عاصف قويّة لما استطاعوا.
واليوم أيضا ، حيث حلّت المولّدات والمكائن العظيمة محلّ الهواء ، فإنّ هبوب العواصف قد يبلغ من الشدّة أحيانا بحيث يحرّك ويهزّ أعظم السفن ، وقد يحطّمها أحيانا.
والتأكيد الذي ورد في نهاية الآية على أوصاف (صبّار) و (شكور) إمّا أن يكون من باب أنّ الحياة الدنيا مجموعة من البلاء والنعمة ، وكلاهما طريق ومحلّ للاختبار ، حيث إنّ الصمود والتحمّل أمام الحوادث الصعبة ، والشكر على النعم يشكّلان مجمل ما يجب على الإنسان ، ولذا نقل كثير من المفسّرين عن الرّسول