الأكرم صلىاللهعليهوآله : «الإيمان نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر» (١).
أو أن يكون إشارة إلى لزوم وجود هدف لأجل إدراك آيات الله العظيمة في ميدان الخلقة ، وهذا الهدف هو شكر المنعم المقترن بالصبر والتحمّل من أجل دقّة وتفحّص أكبر.
وبعد بيان نعمة حركة السفن في البحار ، والتي كانت ولا تزال أكبر وأنفع وسائل حمل ونقل البضائع والبشر ، أشارت هذه الآية إلى صورة اخرى لهذه المسألة ، فقالت : (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
«الظللّ» جمع ظلّة ، وقد ذكر المفسّرون لها عدّة معان :
ـ فيقول الراغب في مفرداته : الظلّة سحابة تظلّ ، وأكثر ما تقال لما يستوخم ويكره.
ـ والبعض اعتبرها بمعنى المظلّة الكبيرة ، من مادّة الظلّ.
ـ والبعض اعتبرها بمعنى الجبل.
وبالرغم من أنّ هذه المعاني ـ من حيث تعلّقها بالآية مورد البحث ـ لا تختلف كثيرا عن بعضها ، إلّا أنّه بملاحظة أنّ هذه الكلمة قد وردت مرارا في القرآن بمعنى السحاب الذي يظلّ ، وبملاحظة أنّ تعبير (غشيهم) يناسب معنى السحاب أكثر ، فيبدو أنّ هذا التّفسير هو الأقرب.
أي إنّ أمواج البحر العظيمة تهيج فتحيط بهم كأنّ سحابا قد أظلّهم بظلّ مرعب مهول.
هنا يجد الإنسان نفسه ضعيفا وعاجزا رغم كلّ تلك القوى والإمكانيات الظاهرية التي أعدّها لنفسه ، ويجد يده قاصرة عن كلّ شيء ومكان ، وتقف كلّ الوسائل العادية والماديّة عن العمل ، ولا يبقى له أي بصيص أمل إلّا النور الذي
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، والقرطبي ، والفخر الرازي ، والصافي.