ولا يجوز أن يبطل قول الاِمام.
قال زرافة : فو الله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغا ووصيف والأتراك على المتوكل فقتلوه وقطّعوه ، والفتح بن خاقان جميعاً قِطعاً ، حتى لم يعرف احدهما من الآخر ، وازال الله نعمته ومملكته. فلقيت الاِمام ابا الحسن عليه السلام بعد ذلك وعرّفته ما جرى مع المؤدِّب وما قاله.
فقال : صدق ، انه لمّا بلغ منّي الجهد رجعت الى كنوز نتوارثها من آبائنا هي اعزّ من الحصون والسلاح والجُنن ، وهو دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه الله تعالى. فقلت له : يا سيدي ان رأيت أن تعلمنيه فعَلَمَنيه وهو :
أللهم اني وفلان بن فلان عبدان من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرنا ومستودعنا وتعلم منقلبنا وسرنا وعلانيتنا وتطلع على نياتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، لا ينطوي عنك شيء من امورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منا ، ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه ، ولا يجاهدك عنه جنوده ، ولايغالبك مغالب بمنعة ، ولا يعازك متعزز بكرة أنت مدركه أينما سلك ، وقادر عليه أينما لجأ ، فمعاذ المظلوم منك بك ، وتوكل المقهور منا عليك ، ورجوعه اليك ويستغيثبك اذا خذله المغيث ويستصرخك اذا قعد عنه النصير ويلوذ بك اذا نفته الأفنية ويطرق بابك اذا اغلقت دونه الأبواب المرتجة (١) ويصل اليك اذا احتجت عنه الملوك الغافلة ، تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك ، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له فلك الحمد سميعا بصيرا ، لطيفا قديرا.
__________________
(١) : المغلقة.