أللهم انه قد كان في سابق علمك ، ومحكم قضائك ، وجاري قدرك وماضي حكمك ، ونافذ مشيتك في خلقك اجمعين ، سعيدهم وشقيهم وبرهم وفاجرهم أن جعلت (لفلان بن فلان) علي قدرة فظلمني بها ، وبغى علي لمكانها ، وتعزز علي بسلطانه الذي خولته اياه وتجبر علي بعلو حاله التي جعلتها له وعزه املاؤك له ، وأطغاه حلمك عنه ، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه ، وتعمدني بشر ضعفت عن احتماله ، ولم أقدر على الانتصار منه لضعفي ، والانتصاف منه لذلي ، فوكلته إليك ، وتوكلت في أمره عليك وتوعدته بعقوبتك ، وحذرته سطوتك وخوفته نقمتك ، فظن أن حلمك عنه من ضعف ، وحسب أن املائك له من عجز ، ولم تنهه واحدة عن اخرى ، ولا انزجر عن ثانية بأولى ، ولكنه تمادى في غيه ، وتتابع في ظلمه (١) ولج في عدوانه ، واستشرى في طغيانه جرأة عليك يا سيدي ، وتعرضا لسخطك الذي لا ترده عن الظالمين ، وقلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين ، فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه مستظام تحت سلطانه ، مستذل بعناءه ، مغلوب مبغي علي مغضوب وجل خائف مروع مقهور قد قل صبري ، وضاقت حيلتي ، وانغلقت علي المذاهب الا اليك وانسدت علي الجهات الى جهتك والتبست علي اموري في دفع مكروهه عني واشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه ، وخذلني من استنصرته من عبادك ، وأسلمني من تعلقت به من خلقك طرا ، واستشرت نصيحي فأشار الي بالرغبة اليك ، واسترشدت دليلي فلم يدلني الا عليك ، فرجعت اليك ، يا مولاي صاغرا راغما مستكينا ، عالما أنه لا فرج لي الا عندك ، ولا خلاص لي الا بك ، أنتجز وعدك في نصرتي ، واجابة دعائي ، فانك قلت وقولك الحق الذي لا يرد ولا يبدل (ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي
__________________
(١) التتابع : التهافت واللجاج ، ولا يكون الّا في الشرّ.