ثمّ أضيف قضاء مصر أيضا إلى السنجاريّ في رجب من السنة ، فأقام إلى جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ، فعزل.
وأعيد تاج الدين بن بنت الأعزّ لقضاء مصر والقاهرة معا ، ثمّ في شوّال سنة إحدى وستّين عزل ابن بنت الأعزّ عن قضاء مصر وحدها.
ووليه برهان الدين الخضر (١) بن الحسن السنجاريّ ، وبقي مع ابن بنت الأعزّ قضاء القاهرة ، فلم يزل إلى رمضان سنة اثنتين وستّين.
فصرف قضاء مصر عن السنجاريّ ، وأضيف إلى ابن بنت الأعزّ ، فلم يزل على هذه الولاية إلى أن مات يوم الأحد سابع عشر رجب سنة خمس وستّين.
قال ابن السبكي في الطبقات الكبرى : وفي ولايته هذه جدّد الملك الظاهر بيبرس القضاة الثلاثة من كلّ مذهب : قاض في القاهرة ، ثمّ في دمشق. وكان سبب ذلك أنه سأل القاضي تاج الدين في أمر ، فامتنع من الدّخول فيه ، فقيل له : مر نائبك الحنفيّ ، وكان القاضي هو الشافعيّ يستنيب من شاء من المذاهب الثلاثة ، فامتنع من ذلك ، فجرى ما جرى ، وكان الأمر متمحّضا للشافعيّة ، فلا يعرف أنّ غيرهم حكم في الديار المصرية منذ وليها أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقيّ في سنة أربع وثمانين إلى أن مات الظاهر ، إلا أن يكون نائب بعض قضاة الشافعية في جزئية خاصة ، وكذا دمشق لم يلها بعد أبي زرعة المشار إليه إلّا شافعيّ.
قال ابن ميسّر في تاريخ مصر : في سنة خمس وعشرين وخمسمائة رتّب أبو أحمد ابن الأفضل في الحكم أربع قضاة ، يحكم كلّ قاض بمذهبه ، ويورّث بمذهبه ، فكان قاضي الشافعيّة سلطان بن رشا ، وقاضي المالكية أبا محمد عبد المولى بن اللبني ، وقاضي الإسماعيليّة أبا الفضل بن الأزرق ، وقاضي الإماميّة ابن أبي كامل ، ولم يسمع بمثل هذا.
وقال ابن ميسّر : وقد تجدّد في عصرنا هذا الذي نحن فيه أربع قضاة على الأربعة مذاهب. انتهى.
قال ابن السبكي : وقال أهل التجربة : إنّ هذه الأقاليم المصرية والشاميّة والحجازية ، متى كانت البلد فيها لغير الشافعية خربت ، ومتى قدّم سلطانها غير أصحاب الشافعيّ زالت دولته سريعا. قال : وكأن هذا السرّ جعله الله في هذه البلاد ، كما جعله الله لمالك في بلاد المغرب ، ولأبي حنيفة فيما وراء النهر.
__________________
(١) شذرات الذهب : ٥ / ٣٩٥.