عمّنا حكمه بعدل وسيط |
|
شامل للورى ، ولفظ وجيز |
ولما عزل الشيخ نفسه عن القضاء ، تلطّف السلطان في ردّه إليه ، فباشره مدّة ، ثمّ عزل نفسه منه مرّة ثانية ، تلطّف مع السلطان في إمضاء عزله ، فأمضاه وأبقى جميع نوّابه من الحكّام ، وكتب لكلّ حاكم تقليدا ، ثمّ ولّاه تدريس مدرسته (١) التي أنشأها بين القصرين.
وولي بعده أفضل الدين محمد الخونجيّ (٢) صاحب المنطق والمعقولات ، فأقام إلى أن مات في رمضان سنة ستّ وأربعين وستمائة ، ورثاه العزّ الإربليّ بقصيدة أولها :
قضى أفضل الدنيا ، نعم وهو فاضل |
|
وماتت بموت الخونجيّ الفضائل (٣) |
وكان يخلفه على الأحكام الجمال يحيى ، فلم يزل إلى أن تولّى القاضي عماد الدين القاسم بن إبراهيم بن هبة الله الحمويّ ، فبقي إلى أن صرف في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين.
وتولّى القاهرة وصرف عنها القاضي بدر الدين ، ورتّب قاضيا بمصر والوجه القبلي صدر الدين موهوب (٤) بن عمر الجزريّ ، وكان نائبا عن الشيخ عزّ الدين ثمّ صرف.
وأعيد القاضي عماد الدين الحمويّ بمصر ، ورتّب بالقاهرة بدر الدين السنجاريّ ، وذلك في رجب سنة ثمان وأربعين ، ثمّ بعد ذلك بأيام يسيرة أضيف له مصر أيضا ، وذلك في شوّال من السنة. ثمّ صرف عنه القضاء بمصر ، وكان يخلفه أخوه برهان الدين وذلك في رمضان سنة أربع وخمسين.
ورتّب فيه تاج الدين عبد الوهاب (٥) بن بنت الأعزّ ، ثمّ صرف السنجاريّ عن القاهرة أيضا ، وأضيف لابن بنت الأعزّ إلى أن توفّي الملك المعزّ.
فرتّب في القاهرة البدر السنجاريّ في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ، وبقي مع ابن بنت الأعزّ مصر خاصّة.
__________________
(١) وعمّر المدارس الصالحية بين القصرين في القاهرة ، وقرّر بها دروسا أربعة. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٦].
(٢) شذرات الذهب : ٥ / ٢٣٦.
(٣) في شذرات الذهب : ٥ / ٢٣٧ : قضى أفضل الدنيا فلم يبق فاضل ...
(٤) شذرات الذهب : ٥ / ٣٢٠.
(٥) شذرات الذهب : ٥ / ٣١٩.