عليهم خندقا كبيرا ، وثبت أهل البلد ثباتا لم يسمع بمثله ، وكثر فيهم القتل والجرح والموت ، وعدمت الأقوات ، ثم سلّموها بالأمان في شعبان ، وطار عقل الفرنج ، وتسارعوا إليها من كلّ فجّ ، وشرعوا في تحصينها ، وأصبحت دار هجرتهم ، ورجوا بها أخذ ديار مصر ، وأشرف الإسلام على خطّة خسف ، وأقبل التتار من المشرق والفرنج من المغرب ، وعزم المصريون على الجلاء ، فثبّتهم الكامل إلى أن سار إليه أخوه الأشرف والمعظّم ، وحصل الفتح ولله الحمد.
وفي سنة ثمان وعشرين وستّمائة ، كان غلاء شديد بديار مصر ، قاله ابن كثير. وبلغ النيل ستّة عشر (١) ذراعا وثلاثة أصابع فقط ، بعد توقّف عظيم ، ووصل القمح خمسة دنانير الإردبّ ، فرسم السلطان بفتح الأهراء وشون الأمراء ، وأن يباع بثمانين درهما الإردبّ من غير زيادة ، فانحطّ السّعر إليه. ذكره ابن المتوّج.
وفي سنة تسع وعشرين ، وصل النيل ثمانية (٢) عشر ذراعا وستّة أصابع ، وتأخّر نزوله حتّى خاف الناس من عدم نزوله ، فغلا السّعر ، ثمّ نزل ، فانحطّ السعر.
وفي سنة إحدى وثلاثين ، قدم إلى الملك الكامل هديّة من الإفرنج ، فيها دبّ أبيض وشعره مثل شعر السبع ، ينزل البحر فيصعد بالسمك فيأكله (٣).
وفي سنة اثنتين وثلاثين كان الوباء العظيم بمصر (٤).
وفي سنة ثلاث وأربعين كان الغلاء بمصر ، وقاسى أهلها شدائد (٥).
وفي سنة سبع وأربعين نزلت الفرنج (٦) دمياط برّا وبحرا ، وملكوها ، ثمّ استنقذت منهم.
وفي سنة تسع وأربعين [وستمائة] ، قال ابن كثير : صلّيت صلاة العيد يوم الفطر بعد العصر ، قال : وهذا اتفاق غريب.
وفي سنة سبع وخمسين [وستمائة] ، حصلت بديار مصر زلزلة عظيمة جدّا.
وفي سنة إحدى وستين ، جهّز الظاهر بيبرس رحمهالله تعالى أخشابا وآلات كثيرة لعمارة المسجد النبويّ بعد حريقه ، فطيف بها بالديار المصريّة ، فرحا بها ، وتعظيما لشأنها ثم ساروا بها إلى المدينة.
__________________
(١) النجوم الزاهرة : ٦ / ٢٤٥.
(٢) في النجوم الزاهرة : ٦ / ٢٤٨ : الزيادة ستة عشر ذراعا وثلاثة أصابع.
(٣) النجوم الزاهرة : ٦ / ٢٥١.
(٤) النجوم الزاهرة : ٦ / ٢٥٥.
(٥) النجوم الزاهرة : ٦ / ٣١٢.
(٦) النجوم الزاهرة : ٦ / ٣٢١.