تعجّبوا للنصارى واليهود معا |
|
والسامريّين لمّا عمّموا الخرقا |
كأنّما بات بالأصباغ منسهلا |
|
نسر السّماء فأضحى فوقهم فرقا |
وفي سنة اثنتين وسبعمائة في ذي الحجّة ، كانت الزلزلة العظمى (١) بمصر ، وكان تأثيرها بالإسكندرية أعظم من غيرها ، وطلع البحر إلى نصف البلد ، وأخذ الحمّال والرجال ، وغرقت المراكب ، وسقطت بمصر دور لا تحصى ، وهلك تحت الرّدم خلق كثير.
وفي هذه السنة ، قال البرزاليّ في تاريخه : قرأت في بعض الكتب الواردة من القاهرة أنّه لما كان بتاريخ يوم الخميس رابع جمادى الآخرة ، ظهرت دابّة عجيبة (٢) الخلقة من بحر النيل إلى أرض المنوفيّة ، وصفتها : لونها لون الجاموس بلا شعر ، وآذانها كآذان الجمل ، وعيناها وفرجها مثل الناقة ، يغطّي فرجها ذنبها ، طوله شبر ونصف ، طرفه كذنب السمك ، ورقبتها مثل غلظ المسند المحشوّ تبنا ، وفمها وشفتاها مثل الكربال (٣) ، ولها أربعة أنياب ، اثنان من فوق واثنان من أسفل ، طولها دون الشّبر ، وعرض إصبعين ، وفي فمها ثمانية وأربعون ضرسا وسنّا ، مثل بيادق الشطرنج ، وطول يدها من باطنها إلى الأرض شبران ونصف ، ومن ركبتها إلى حافرها مثل بطن الثعبان ، أصفر مجعّد ودور حافرها مثل السّكرجة بأربعة أظافير مثل أظافير الجمل ، وعرض ظهرها مقدار ذراعين ونصف ، وطولها من فمها إلى ذنبها خمسة عشر قدما ، وفي بطنها ثلاثة كروش ، ولحمها أحمر ، وزفرته مثل السمك ، وطعمه كطعم الجمل ، وغلظ جلدها أربعة أصابع ، ما تعمل فيه السيوف ، وحمل جلدها على خمسة أجمال في مقدار ساعة ، من ثقله على جمل بعد جمل ، وأحضروه إلى القلعة بين يدي السلطان ، وحشوه تبنا ، وأقاموه بين يديه.
وفي هذه السنة أبطل الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير عيد الشهيد (٤) بمصر ، وذلك أنّ النصارى كان عندهم تابوت فيه إصبع ، يزعمون أنه من أصابع بعض شهدائهم ، وأن النيل لا يزيد ما لم يلق فيه هذا التابوت ، وكان يجتمع النصارى من سائر النواحي إلى شبرا ، ويقع هناك أمور فظيعة ؛ من سكر وغيره ، فأبطل ذلك إلى يومنا هذا ، ولله الحمد.
وفي سنة أربع وسبعمائة ظهر من معدن الزّمرد (٥) قطعة زنتها مائة وخمسة وسبعون
__________________
(١) النجوم الزاهرة : ٨ / ١٦١.
(٢) انظر النجوم الزاهرة : ٨ / ١٦٠.
(٣) الكربال : مندف القطن.
(٤) الخطط المقريزية : ١ / ٦٨.
(٥) النجوم الزاهرة : ٨ / ١٦٨.