وفي سنة تسع وستين وقع الوباء بالديار المصرية.
وفي سنة ثلاث وسبعين [وسبعمائة] رسم للأشراف بالديار المصرية والشامية أن يسموا (١) عمائمهم بعلامة خضراء ، تمييزا لهم عن الناس ، ففعل ذلك في مصر والشام وغيرهما ، وفي ذلك يقول أبو عبد الله بن جابر الأندلسي الأعمى نزيل حلب :
جعلوا لأبناء الرّسول علامة |
|
إنّ العلامة شأن من لم يشهر |
نور النبوّة في كريم وجوههم |
|
يغني الشريف عن الطّراز الأخضر |
وقال في ذلك جماعة من الشعراء ما يطول ذكره ؛ ومن أحسنها قول الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم الدمشقي :
أطراف تيجان أتت من سندس |
|
خضر بأعلام على الأشراف |
والأشرف السلطان خصّصهم بها |
|
شرفا ليعرفهم من الأطراف |
وفي هذه السنة زاد النيل (٢) زيادة مفرطة ، وثبت إلى أيّام من هاتور (٣) ، فاجتمع جماعة بالجامع الأزهر ، وجامع عمرو ، وسألوا الله في هبوطه ، وعمل ابن أبي حجلة مقامته المشهورة.
وفي هذه السنة أراد السّراج الهنديّ قاضي الحنفيّة أن يساوي قاضي الشافعيّة في لبس الطّرحة وتولية القضاة في البلاد ، وتقرير مودع الأيتام ، فأجيب إلى ذلك ؛ فاتّفق أنّه توعّك عقب ذلك ، وطال مرضه إلى أن مات (٤) ولم يتمّ الذي أراده.
وفي سنة أربع وسبعين [وسبعمائة] وقعت صاعقة على القلعة ، فأحرقت (٥) منها شيئا كثيرا ، واستمرّ الحريق أيّاما ، وفي هذه السنة عقد الجائي مجلسا بالعلماء في إقامة خطبة بالمنصورية ، فأفتاه البلقينيّ وابن الصائغ بالجواز ، وخالف الباقون ، وصنّف البلقينيّ كتابا في الجواز ، وصنّف العراقيّ كتابا في المنع ، وجمع أيضا القاضي برهان الدين بن جماعة جزءا في المنع.
وفي سنة خمس وسبعين ، توقّف النيل عن الزيادة ، وأبطأ إلى أن دخل توت ، واجتمع العلماء والصلحاء بجامع عمرو ، واستسقوا ، وكسر الخليج تاسع توت عن نقص أربعة أصابع من العادة ، ثمّ نودي بصيام ثلاثة أيّام ، وخرجوا إلى الصحراء مشاة ،
__________________
(١) النجوم الزاهرة : ١١ / ٩٦.
(٢) النجوم الزاهرة : ١١ / ٩٨.
(٣) في مروج الذهب : ٢ / ١٧٨ : هاتور : تشرين الثاني.
(٤) شذرات الذهب : ٦ / ٢٢٨.
(٥) شذرات الذهب : ٦ / ٢٣٠.