التكرور ، فاجتاز من الصّليبة وقناطر السباع وفم الخور. قال : وكانت عادة السلاطين قبله من زمن الناصر لا يظهرون إلّا في الأحيان ، ولا يركبون إلّا من طريق الجزيرة الوسطى. قال : ثم تكرّر ذلك منه ، وشقّ القاهرة مرارا ، وجرى على ما ألف في زمن الإمرة ، وأبطل كثيرا من رسوم السلطنة ، وأخذ من بعده بطريقته في ذلك إلى أن لم يبق من رسمها في زماننا إلا اليسير جدّا.
وفي هذه السنة بنى السلطان قناطر (١) بني منجة ، فأحكم عمارتها.
وفي سنة خمس وثمانين نزل السّلطان إلى النّيل (٢) ، فخلّق (٣) المقياس ، وكسر (٤) الخليج بحضرته. قال ابن حجر : ولم يباشر ذلك السلطان قبله في زمن الظاهر بيبرس.
وفي سنة سبع وثمانين زلزلت مصر والقاهرة زلزلة لطيفة ، في ليلة الثالث عشر من شعبان. وفيه أحضرت صغيرة (٥) ميتة لها رأسان وصدر واحد ويدان فقط ، ومن تحت السّرّة صورة شخصين كاملين ، كلّ شخص بفرج أنثى ، فشاهدها الناس ، ودفنت. وفيها وقع الغلاء بمصر.
وفي سنة ثمان وثمانين [وسبعمائة] في جمادى الآخرة زلزلت الأرض زلزلة لطيفة ، وفي هذه السنة عزّ الفستق عزّة شديدة إلى أن بيع الرطل منه بمثقال ذهب ونصف.
وفي سنة تسع وثمانين ضربت الدراهم الظاهرية (٦) ، وجعل اسم السلطان في دائرة ، فتفاءلوا له من ذلك بالحبس ، فوقع عن قريب ، ووقع نظيره لولده النّاصر فرج في الدنانير الناصرية.
وفي سنة تسعين أصاب الحاجّ في رجوعهم عند ثغرة حامد (٧) سيل عظيم ، أهلك خلقا كثيرا. وفي هذه السنة وقع الطاعون بالقاهرة.
وفي سنة إحدى وتسعين [وسبعمائة] في شعبان أمر نجم الدين الطنبديّ المحتسب
__________________
(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ١٥١ : قناطر بحر أبي المنجا ـ أنشأها ركن الدين بيبرس.
(٢) النجوم الزاهرة : ١١ / ١٩٢.
(٣) تخليقه : تطييب عموده بالخلق أو الزعفران احتفاء بوفاء النيل.
(٤) في النجوم الزاهرة : ١١ / ١٩٢ : كسر الخليج : رفع السد الذي كان يقام سنويا عند فم الخليج ، فتدخل مياه النيل في الخليج ، وتسير فيه إلى نهايته.
(٥) شذرات الذهب : ٦ / ٢٩٥.
(٦) شذرات الذهب : ٦ / ٣٠٧.
(٧) شذرات الذهب : ٦ / ٣١٠.